البيوت المذكورة في الآية الكريمة هي المساجد كما قال ابن عباس ومجاهد والحسن البصري ورجحه القرطبي في تفسيره ١٢/ ٢٦٥، وقد قرر أهل العلم أن الأصل في المساجد أنها تبنى لذكر الله تعالى وإقامة الصلاة، والمساجد لها أحكام خاصة بها وآداب لا بد من المحافظة عليها كي تبقى للمسجد هيبته وحرمته في نفوس المسلمين لذا يمنع المسلم من فعل أمور كثيرة في المساجد مع أنه يجوز فعلها خارج المساجد وقد ثبت في الحديث عن بريدة رضي الله عنه (أن رجلاً نشد في المسجد – أي طلب ضالة له - فقال النبي صلى الله عليه وسلم: من دعا إلى الجمل الأحمر؟ لا وجدت، إنما بنيت المساجد لما بُنيت له) رواه مسلم. قال الإمام النووي: [في هذين الحديثين فوائد منها: النهي عن نشد الضالة في المسجد، ويُلحق به ما في معناه من البيع والشراء والإجارة ونحوها من العقود، وكراهة رفع الصوت في المسجد ... وقوله صلى الله عليه وسلم (إنما بنيت المساجد لما بُنيت له) معناه لذكر الله والصلاة والعلم والمذاكرة في الخير ونحوها] شرح النووي عل مسلم ٢/ ٢١٥.
وقال الإمام القرطبي بعد أن ذكر حديث بريدة السابق: [وهذا يدل على أن الأصل ألا يعمل في المسجد غير الصلوات والأذكار وقراءة القرآن. وكذا جاء مفسراً من حديث أنس قال: (بينما نحن في المسجد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ جاء أعرابي فقام يبول في المسجد، فقال أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم: مه مه؛ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: لا تزرموه دعوه. فتركوه حتى بال، ثم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم دعاه فقال له: إن هذه المساجد لا تصلح لشيء من هذا البول ولا القذر إنما هي لذكر