ثالثاً: إن المتأمل للآية التي حددت المصارف الثمانية للزكاة يجد أنها فرقت بين الفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم من جهة وبين بقية الأصناف الأخرى وهي الرقاب والغارمون وسبيل الله وابن السبيل من جهة أخرى في حرف الجر الذي سبق كلاً من المجموعتين فقد سبق ذكر الفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم حرف اللام وسبق الأصناف الأخرى حرف (في) واللام تفيد التمليك أما في فتفيد الوعاء وعلى هذا فالأصناف الأربعة الأوائل يملكون الزكاة والأصناف الأخرى يستحقون الزكاة فتصرف عليهم لتحقيق مصالحهم ومنافعهم وما جاءت المصالح العامة إلا لهذا. إنفاق الزكاة في المصالح العامة ص ١٠٣ - ١٠٤.
رابعاً: زعم بعض العلماء المعاصرين أن عبارة (وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ) إذا اقترنت بالإنفاق كان معناها الجهاد جزماً ولا تحتمل غيره مطلقاً. النظام الاقتصادي في الإسلام ص ٢٠٨.
إن هذا الزعم غير صحيح وهذا الجزم غير مقبول وترده الآيات التي ذكر فيها (وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ) ويراد بها غير الجهاد فمن ذلك قوله تعالى: (وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ) سورة التوبة الآية ٣٤.
فالمراد بسبيل الله في الآية المعنى الأعم وليس الجهاد فقط وإلا لكان من أنفق ماله على بسبيل الله في الآية المعنى الأعم وليس الجهاد فقط وإلا لكان من أنفق ماله على الفقراء والمساكين واليتامى ونحوهم داخلاً ضمن الذين يكنزون وليس الأمر كذلك.
فهذه الأيات يفهم منها أن المراد بِ (وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ) المعنى العام وليس المعنى الخاص وخلاصة الأمر جواز الصرف في المصالح العامة للمسلمين ولكن يجب التدقيق والنظر العميق قبل الصرف حتى نتحقق أن ما نصرفه من هذا السهم هو فعلاً من المصالح العامة للمسلمين.