وهؤلاء هم أئمة الحديث المرجوع إليهم في أعصارهم، ثم رواه عنهم الجم الغفير والعدد الكثير، وقد قال بعض أهل العلم: إن هذه السنة بلغت طرقها نصاب التواتر وقد استدل بذلك من قال إن إرضاع الكبير يثبت به التحريم] نيل الأوطار ٧/ ١١٩. فالحديث ثابت لا شك فيه، ولكن أهل العلم اختلفوا في توجيهه، وأكثر العلماء على أن الحديث حادثة خاصة ولا يصح حملها على العموم.
فالرضاع المؤثر ما كان في الصغر. ويدل على ذلك قوله تعالى:{وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ} سورة البقرة الآية ٢٣٣. يقول ابن كثير في تفسيره لهذه الآية:[هذا إرشاد من الله تعالى للوالدات أن يرضعن أولادهن كمال الرضاعة؛ وهي سنتان، فلا اعتبار بالرضاعة بعد ذلك]. تفسير ابن كثير ١/ ٥٦٧.
وثبت في الحديث أن عائشة رضي الله عنها قالت دخل عليَّ النبي صلى الله عليه وسلم وعندي رجل قال يا عائشة من هذا قلت أخي من الرضاعة قال يا عائشة انظرن من إخوانكن فإنما الرضاعة من المجاعة) رواه البخاري
قال الحافظ ابن حجر العسقلاني: قوله (فإنما الرضاعة من المجاعة) فيه تعليل الباعث على إمعان النظر والفكر، لأن الرضاعة تثبت النسب وتجعل الرضيع محرماً. وقوله "من المجاعة" أي الرضاعة التي تثبت بها الحرمة وتحل بها الخلوة هي حيث يكون الرضيع طفلاً لسد اللبن جوعته، لأن معدته ضعيفة يكفيها اللبن وينبت بذلك لحمه فيصير كجزء من المرضعة