بن مسعود، وسالم، ومعاذ، وأُبيّ بن كعب). ويدل هذا الحديث على أن قراءة القرآن تؤخذ بالتلقي من أفواه القراء المتقنين، فالقرآن الكريم لا يؤخذ من كل من هب ودب، لأن في علم القراءات وجوهاً لا يحكمها إلا التلقي والمشافهة من القراء المتقنين، وما قرره العلماء في علم القراءات من وجوب التلقي من القراء والمشافهة من أفواه المشايخ هو ذاته ما قرروه في علم التجويد فهو أيضاً يؤخذ بالمشافهة والسماع من أهله المتقنين له. وتأكيداً لهذا المعنى يقول عبد الله بن مسعود رضي الله عنه:(والله لقد أخذت من فيِّ رسول الله صلى الله عليه وسلم بضعاً وسبعين سورة) رواه البخاري.
وذكر الشيخ محمد عبد العظيم الزرقاني أن عثمان بن عفان رضي الله عنه حينما بعث المصاحف إلى الآفاق، أرسل قارئاً مع كل مصحف يوافق قراءته في الأكثر الأغلب، انظر مناهل العرفان في علوم القرآن ١/ ٣٧٢ - ٣٧٣.
وقد اشتهر عن علماء السلف أنهم قالوا:[القراءة سنةٌ متبعةٌ يأخذها الآخر عن الأول]. وقال الإمام ابن الجزري: [ولا شك أن الأمة كما هم متعبدون بفهم معاني القرآن وإقامة حدوده متعبدون بتصحيح ألفاظه وإقامة حروفه على الصفة المتلقاة من أئمة القراءة المتصلة بالحضرة النبوية الأفصحية العربية التي لا تجوز مخالفتها ولا العدول عنها إلى غيرها. والناس في ذلك بين محسن مأجور، ومسيء آثم، أو معذور، فمن قدر على تصحيح كلام الله تعالى باللفظ الصحيح، العربي الفصيح، وعدل إلى اللفظ الفاسد العجمي أو النبطي القبيح، استغناءً بنفسه، واستبداداً برأيه وحدسه واتكالاً على ما ألف من حفظه. واستكباراً عن الرجوع إلى عالم يوقفه على صحيح لفظه. فإنه مقصر بلا شك، وآثم بلا ريب، وغاش بلا مرية،