فاجتهدوا في الدعاء فقمن أن يستجاب لكم) رواه مسلم. وقوله (فقمن) قال الإمام النووي: هو بفتح القاف وفتح الميم وكسرها لغتان مشهورتان فمن فتح فهو عنده مصدر لا يثنى ولا يجمع ومن كسر فهو وصف يثنى ويجمع قال: وفيه لغة ثالثة قمين بزيادة الياء وفتح القاف وكسر الميم ومعناه حقيق وجدير. شرح النووي على صحيح مسلم ٢/ ١٤٨. وقد ثبت في الحديث أنه صلى اللَّه عليه وسلم قال:(أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد فأكثروا الدعاء) رواه مسلم.
إذا ثبت هذا فإنه يجوز للمصلي أن يدعو في صلاته -الفرض والنافلة- بخيري الدنيا والآخرة على الراجح من أقوال أهل العلم، قال الإمام النووي:[قال الشافعي والأصحاب: وله أن يدعو بما شاء من أمور الآخرة والدنيا، ولكن أمور الآخرة أفضل وله الدعاء بالدعوات المأثورة في هذا الموطن والمأثورة في غيره وله أن يدعو بغير المأثور ومما يريده من أمور الآخرة والدنيا] ثم نقل عن بعض الشافعية تردده في جواز الدعاء بالأمور الدنيوية ثم قال: [والصواب الذي عليه جمهور الأصحاب أنه يجوز كل ذلك ولا تبطل الصلاة بشيء منه ودليله الأحاديث الصحيحة ... منها أن النبي صلى الله
عليه وسلم قال:(ثم ليتخير من الدعاء ما شاء) ونحو ذلك من الأحاديث] المجموع ٣/ ٤٧٠.
وقال الإمام النووي أيضاً: [مذهبنا أنه يجوز أن يدعو فيها بكل ما يجوز الدعاء به خارج الصلاة من أمور الدين والدنيا كقوله اللهم ارزقني كسباً طيباً وولداً وداراً ... واللهم خلص فلاناً من السجن وأهلك فلاناً وغير ذلك، ولا يبطل صلاته شيء من ذلك عندنا وبه قال مالك والثوري وأبو ثور واسحق ... واحتج أصحابنا بقوله صلى الله عليه وسلم:(وأما السجود فاجتهدوا فيه من الدعاء) وفي الحديث الآخر (فأكثروا الدعاء) وهما صحيحان ... فأطلق الأمر بالدعاء ولم يقيده فتناول