في ذلك النخعي وطاووس وأبو حنيفة فقالوا: لا يدعو في الصلاة إلا بما يوجد في القرآن، كذا أطلق هو ومن تبعه عن أبي حنيفة، والمعروف في كتب الحنفية أنه لا يدعو في الصلاة إلا بما جاء في القرآن أو ثبت في الحديث، وعبارة بعضهم: ما كان مأثوراً، قال قائلهم: والمأثور أعم من أن يكون مرفوعاً أو غير مرفوع، لكن ظاهر حديث الباب يرد عليهم، وكذا يرد على قول ابن سيرين: لا يدعو في الصلاة إلا بأمر الآخرة، واستثنى بعض الشافعية ما يقبح في أمر الدنيا، فإن أراد الفاحش من اللفظ فمحتمل، وإلا فلا شك أن الدعاء بالأمور المحرمة مطلقاً لا يجوز] فتح الباري ٢/ ٤١٥. وجاء في رواية عند مسلم:(ثم يتخير من المسألة ما شاء) قال الإمام النووي: [قوله صلى الله عليه وسلم: (ثم يتخير من المسألة ما شاء) فيه استحباب الدعاء في آخر الصلاة قبل السلام، وفيه أنه يجوز الدعاء بما شاء من أمور الآخرة والدنيا ما لم يكن إثماً، وهذا مذهبنا ومذهب الجمهور، وقال أبو حنيفة رحمه الله تعالى: لا يجوز إلا بالدعوات الواردة في القرآن والسنة] شرح النووي على صحيح مسلم ٢/ ٨٩.
واختار القول بجواز الدعاء بالأمور الدنيوية جماعة من أهل العلم المتقدمين والمتأخرين منهم الشيخ ابن قدامة المقدسي حيث قال: [وحكى عنه ابن المنذر -أي عن الإمام أحمد- أنه قال: لا بأس أن يدعو الرجل بجميع حوائجه؛ من حوائج دنياه وآخرته. وهذا هو الصحيح، إن شاء الله تعالى؛ لظواهر الأحاديث، فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال:(ثم ليتخير من الدعاء)، وقوله:(ثم يدعو لنفسه بما بدا له). وقوله:(ثم ليدع بعد بما شاء) ... ولأن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم كانوا
يدعون في صلاتهم بما لم يتعلموه، فلم ينكر عليهم النبي