حقٍ يصلح أن يذكر على المنابر، فهنالك أمور لا تطرح على العامة، لأنهم قد لا يستوعبونها، أو تخالف ما ألفوه وعرفوه، فيحتاج الأمر إلى تمهيد وإعداد وليس محل ذلك خطب الجمعة، لذا ينبغي أن يكون الخطيب حصيفاً عند اختيار موضوع الخطبة، ولا يقبل أن يتناول الخطيب موضوعاً يثير العامة عليه، وقد يؤدي ذلك إلى إحداث فوضى في المسجد وصياح واعتراض على الخطيب وينتهي الأمر بأن يقوم بعض العامة بسحب الخطيب عن المنبر، فلا شك أن هذا حمق، وقصر نظر من الخطيب، وإساءة بالغة لخطبة الجمعة وتضييع لهيبتها من نفوس الناس، وكذا فيه إساءة لأدب المسجد، إن من مقتضيات نجاح الخطيب أن يخاطب الناس على قدر عقولهم، وعلى الخطيب أن يعلم أنه يستحيل إصلاح الناس في خطبة واحدة، قال العلامة ابن القيم رحمه الله واصفاً خطب النبي صلى الله عليه وسلم:[وكان يخطب في كل وقت بما تقتضيه حاجة المخاطبين ومصلحتهم] زاد المعاد١/ ١٨٩. وقال ابن
عباس رضي الله عنهما عمن وعظ العوام:[ليحذر الخوض في الأصول فإنهم لا يفهمون ذلك، لكنه يوجب الفتن، وربما كفروه مع كونهم جهلة] الآداب الشرعية ٢/ ٨٧. وقال ابن مفلح المقدسي الحنبلي:[ومن التغفيل تكلم القصاص عند العوام الجهلة بما لا ينفعهم، وإنما ينبغي أن يخاطب الإنسان على قدر فهمه ومخاطبة العوام صعبة، فإن أحدهم ليرى رأياً يخالف فيه العلماء ولا ينتهي ... فالحذر الحذر من مخاطبة من لا يفهم بما لا يحتمل ... فاحذر العوام كلهم، والخلق جملة ... ] الآداب الشرعية ٢/ ٨٧ - ٨٨.