أن الصورة والحقيقة تغيرتا كلتاهما فقد تحولت من استقراض بالربا إلى بيع وشراء وما أبعد الفرق بين الإثنين وقد حاول اليهود قديماً أن يستغلوا المشابهة بين البيع والربا ليصلوا منها إلى إباحة الربا فرد الله تعالى عليهم رداً حاسماً بقوله:(ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا) سورة البقرة الآية ٢٧٥.
على أن تغيير الصورة أحياناً يكون مهماً جداً وإن كانت نتيجة الأمرين واحدة في الظاهر فلو قال رجل لآخر أمام ملأ من الناس: خذ هذا المبلغ واسمح لي أن آخذ ابنتك لأزني بها فقبل وقبلت البنت لكان كل منهم مرتكباً منكراً من أشنع المنكرات ولو أنه قال له: زوجنيها وخذ هذا المبلغ مهراً لها. فقبل وقبلت لكان كل من الثلاثة محسناً والنتيجة في الظاهر واحدة ولكن يترتب على مجرد كلمة "زواج " من الحقوق والمسؤوليات شيء كثير. وكذلك كلمة " البيع " إذا دخلت بين المتعاملين فإنه يترتب عليها بأن يكون هلاك المبيع إذا هلك على ضمان البائع حتى يقبضه المشتري. وأن يتحمل تبعة الرد بالعيب إذا ظهر فيه عيب وكذلك إذا كان غائباً واشتراه على الصفة فجاء على غير المواصفات المطلوبة.
كما أنه إذا تأخر في توفية الثمن في الأجل المحدد لعذر مقبول لم تفرض عليه أية زيادة كما يفعل البنك الربوي بل يمهل حتى يوسر كما قال تعالى:(وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ) البقرة ٢٨٠.
وإن تأخر لغير عذر فهو حينئذ ظالم يستحق العقوبة كما في حديث:(مطل الغني ظلم) وحديث: (لي الواجد يحل عرضه وعقوبته) فمن حق المصرف الإسلامي أن يطالبه بالتعويض عن الضرر الفعلي قلّ أو كثر عملاً بالقاعدة الشرعية التي عبر عنها حديث: (لا ضرر ولا ضرار) وأخذ منها الفقهاء أن الضرر يزال.
وهذا يخالف ما تفعله البنوك الربوية لأنها تأخذ المبلغ المقترض والفائدة الربوية المقررة على كل حال من المعسر والموسر سواء حدث