للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فهذه الأحاديث وغيرها تدل على تحريم الرجوع في الهبة، قال الإمام البخاري في صحيحه: [باب لا يحل لأحد أن يرجع في هبته وصدقته] ثم ذكر حديثي ابن عباس، الأول والثاني، انظر فتح الباري ٦/ ١٦٢ - ١٦٣. وقال الإمام النووي: [باب تحريم الرجوع في الصدقة والهبة بعد القبض إلا ما وهبه لولده، وإن سفل] شرح صحيح مسلم ٤/ ٢٣٦. وينبغي للواهب أن يعلم أن العائد في هبته قد شبهه الرسول صلى الله عليه وسلم بالكلب الذي يقيء، ثم يعود فيأكل منه، وهذا مثل سوءٍ، فلا ينبغي للمسلم أن يتمثل بالكلب، وقد جاء في الحديث أنه ينبغي تعريف الواهب الذي يريد الرجوع في هبته بهذا المثل حتى يرتدع فلا يعود في هبته، فقد روى أبو داود بسنده عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن عبد الله بن عمرو عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (مثل الذي يسترد ما وهب كمثل الكلب، يقيء فيأكل قيئه، فإذا استرد الواهب فليتوقف فليعرف بما استرد ثم ليدفع إليه ما وهب) رواه ابن ماجة، وقال العلامة الألباني: حسن صحيح، انظر صحيح سنن أبي داود ٢/ ٦٧٦. وأما استثناء الوالد من الحكم السابق، فيجوز للوالد الرجوع فيما وهبه لولده، كما هو مذهب جمهور الفقهاء، فلما صح في الحديث عن طاووس، عن ابن عمر وابن عباس رضي الله عنهم عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا يحل للرجل أن يعطي عطية أو يهب هبةً فيرجع فيها، إلا الوالد فيما يعطي ولده، ومثل الذي يعطي العطية ثم يرجع فيها كمثل الكلب، يأكل فإذا شبع قاء، ثم عاد في قيئه) رواه أصحاب السنن وأحمد، وقال الترمذي حسن صحيح، ورواه ابن حبان والحاكم وصححاه، وصححه العلامة الألباني أيضاً.

<<  <  ج: ص:  >  >>