هي عندي في هذا كالرجل لأن للأب أن يأخذ من مال ولده والأم لا تأخذ وذكر حديث عائشة:(أطيب ما أكل الرجل من كسبه وإن ولده من كسبه) أي كأنه الرجل، قال أصحابنا: والحديث حجة لنا، فإنه خص الوالد وهو بإطلاقه إنما يتناول الأب دون الأم، والفرق بينهما أن للأب ولاية على ولده ويحوز جميع المال في الميراث والأم بخلافه، وقال مالك للأم الرجوع في هبة ولدها ما كان أبوه حياً فإن كان ميتاً فلا رجوع لها،
لأنها هبة ليتيم، وهبة اليتيم لازمة كصدقة التطوع، ومن مذهبه أنه لا يرجع في صدقة التطوع] المغني ٦/ ٥٥ - ٥٦. إذا تقرر هذا فإن جمهور الفقهاء الذين أجازوا للوالد أن يرجع فيما وهبه لولده اشترطوا شروطاً حتى يصح رجوعه فيما وهبه لولده، الأول: أن تكون الهبة باقية في ملك الابن فإن خرجت عن ملكه ببيع أو هبة أو وقف أو إرث ونحوه من كل ما يخرج الشيء الموهوب عن ملك الموهوب له، فمثل هذا الخروج يمنع الوالد من الرجوع في الهبة.
الثاني: عدم تعلق حق الغير بالموهوب كأن يداين الناس الموهوب له نظراً لملاءة ذمته لما وهب له، وذلك إعمالاً لقول النبي صلى الله عليه وسلم:(لا ضرر ولا ضرار)، رواه أحمد وابن ماجة والدارقطني وغيرهم وهو حديث صحيح.
الثالث: عدم هلاك الموهوب أو استهلاكه لأنه لا سبيل إلى الرجوع في الهالك ولا سبيل إلى الرجوع في قيمته، لأنها ليست بموهوبة لعدم ورود العقد عليها، وقبض الهبة غير مضمون. الرابع: أن لا تزيد زيادة متصلة كأن يكون الموهوب أرضاً فيبني عليها. انظر المغني ٦/ ٥٦ - ٥٨.
وخلاصة الأمر أن المطلوب من الوالد والوالدة أن يعدلا في الهبة لأولادهما، وأنه يجوز للوالد وكذا للوالدة الرجوع فيما وهبا لولدهما، ولكن بشروط ومنها أن لا