من المبلغ محل الخصومة والنزاع، فكانت أجورهم بالآلاف. وقد صدرت عن هؤلاء أحكام كأحكام قراقوش، فيها من الجور والظلم ما الله به عليم.
وبناءً على ما سبق فإن الفقهاء قد نصوا على أنه يمكن نقض حكم المحكم أو حكم المحكمين إذا كان مخالفاً للشرع كأن يصدر الحكم عن محكم جاهل، بل قال جماعة من الفقهاء تنقض كل أحكامه حتى لو أصاب في بعضها وإلى هذا ذهب الشافعية وهو المذهب عند الحنابلة وقول للمالكية إلى أن أحكامه -أي المحكم الجاهل- كلها تنقض وإن أصاب فيها، لأنها صدرت ممن لا ينفذ حكمه، وذهب بعض المالكية
وبعض الحنابلة إلى أنه تنقض أحكامه المخالفة للصواب كلها، سواء أكانت مما يسوغ فيه الاجتهاد أم لا يسوغ، لأن حكمه غير صحيح وقضاؤه كعدمه، لأن شرط القضاء غير متوفر فيه، ولكن القول المعتبر هو ما اختاره صاحب الإنصاف الشيخ المرداوي الحنبلي ومعه جماعة من فقهاء الحنابلة بأنه لا ينقض من أحكامه إلا ما خالف كتاباً أو سنةً أو إجماعاً، وأن هذا عليه عمل الناس من زمن ولا يسع الناس غيره. انظر الإنصاف للمرداوي ١١/ ٢٢٥ - ٢٢٦، الموسوعة الفقهية الكويتية ٤١/ ١٦٢ - ١٦٣.
وقرر جمهور الفقهاء أن الحكم إذا كان جائراً فإنه ينقض، بل إن فقهاء الحنفية قد نصوا على أنه إن كان القاضي تعمد الجور فيما قضى وأقر به فالضمان في ماله، سواء كان ذلك في حق الله أو في حق العبد، ويعزر القاضي على ذلك لارتكابه الجريمة العظيمة، ويعزل عن القضاء ونص أبو يوسف على أنه إذا غلب جوره ورشوته ردت قضاياه وشهادته. حاشية ابن عابدين ٥/ ٤١٨.
وكذلك فإن عدم إتباع الإجراءات القضائية بشكل صحيح يعتبر سبباً في نقض حكم المحكم أو حكم المحكمين، فإذا لم يستمع المحكم أو المحكمون لأحد