للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما قوله تعالى: (وَأَمَّا السَّائِلَ فَلَا تَنْهَرْ (سورة الضحى الآية ١٠، فقد قال أهل التفسير إن الآية المذكورة تحمل على السائل عن العلم وعلى السائل للصدقة، قال ابن كثير: (وَأَمَّا السَّائِلَ فَلَا تَنْهَرْ (أي: وكما كنت ضالاً فهداك الله، فلا تنهر السائل في العلم المسترشد] تفسير ابن كثير ٦/ ٤٨٣. وقال الطبري: [وأما من سألك من ذي حاجة فلا تنهره، ولكن أطعمه واقض له حاجته] تفسير الطبري.

وقال القرطبي: [وأما السائل فلا تنهر، أي لا تزجره فهو نهي عن إغلاظ القول، ولكن رُدَّه ببذلٍ يسير، أو ردٍّ جميل] تفسير القرطبي ٢٠/ ١٠١. وعدم السماح للمتسولين بالسؤال داخل المساجد لا يتنافى مع الآية الكريمة.

وأما القول المنسوب لأحد السلف وهو: [لو كنت قاضياً لرددت شهادة كل من يعطي متسولاً داخل المسجد] فقد وجدته بعد البحث والتقصي منسوباً لخلف بن أيوب العامري البلخي المتوفى سنة ٢١٥ هـ، وهو فقيه أهل بلخ وزاهدهم أخذ الفقه عن أبي يوسف ومحمد صاحبي أبي حنيفة وابن أبي ليلى والزهد عن إبراهيم بن أدهم، ونسبه إليه ابن مفلح المقدسي الحنبلي: [قال خلف بن أيوب لو كنت قاضياً لم أقبل شهادة من تصدق عليه] الآداب الشرعية ٣/ ٣٩٤. ونقل ابن مفلح أيضاً قول أبي مطيع البلخي الحنفي: لا يحل للرجل أن يعطي سؤَّال المسجد.

وخلاصة الأمر أن الأصل في الشحاذة والتسول التحريم إلا لضرورة أو حاجة ملحة وينبغي للمسئولين عن المساجد منع المتسولين داخل

المساجد، ويجوز إعطاء المتسولين خارج المساجد إن كانوا صادقين، ومشكلة التسول تحتاج إلى حل تسهم فيه الجهات الرسمية والخيرية.

<<  <  ج: ص:  >  >>