فقهية معمقة، قضية انتشار مرض إنفلونزا الخنازير ومدى تأثيره على الحج والعمرة - سيأتي بحثها في هذا الكتاب-، فقد صدرت بعض الفتاوى المتسرعة الداعية إلى إلغاء موسم الحج لهذا
العام وتأجيل العمرة، وهذه الفتاوى لم تدرس النازلة وفق الأسس العلمية لدراسة وبحث النوازل المعاصرة والتي يمكن تلخيصها فيما يلي:
١. بعد التأكد من وقوع النازلة لا بد من فهمها فهماً صحيحاً مطابقاً للواقع، يقول العلامة ابن القيم:[ولا يتمكن المفتي ولا الحاكم من الفتوى والحكم بالحق إلا بنوعين من الفهم: أحدهما فهم الواقع والفقه فيه واستنباط علم حقيقة ما وقع بالقرائن والأمارات والعلامات حتى يحيط به علماً. والنوع الثاني فهم الواجب في الواقع وهو فهم حكم الله الذي حكم به في كتابه أو على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم في هذا الواقع، ثم يطبق أحدهما على الآخر، فمن بذل جهده واستفرغ وسعه في ذلك، لم يعدم أجرين أو أجرٍ، فالعالم من يتوصل بمعرفة الواقع والتفقه فيه إلى معرفة حكم الله ورسوله ... ومن تأمل الشريعة وقضايا الصحابة وجدها طافحة بهذا، ومن سلك غير هذا أضاع على الناس حقوقهم ونسبه إلى الشريعة التي بعث الله بها رسوله صلى الله عليه وسلم] إعلام الموقعين ١/ ١٨٧.
٢. استشارة أهل الاختصاص إذا كانت النازلة من المسائل الطبية والاقتصادية والمالية والفلكية والطبيعية ونحوها، فالرجوع إلى أهل العلم في هذه الفنون مطلوب شرعاً امتثالاً لقوله تعالى:{فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنتُمْ لا تَعْلَمُونَ} سورة النحل الآية ٤٣. يقول الخطيب البغدادي: [ثم يذكر المسألة - المفتي - لمن بحضرته ممن يصلح لذلك من أهل العلم ويشاورهم في الجواب، ويسأل كل واحدٍ منهم عما عنده، فإن في ذلك بركة واقتداء بالسلف الصالح، وقد قال