وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: [وما يُروى أن الخليل لما ألقي في المنجنيق قال له جبريل: سل، قال:(حسبي من سؤالي علمه بحالي) ليس له إسناد معروف وهو باطل، بل الذي ثبت في الصحيح عن ابن عباس أنه قال:(حسبي الله ونعم الوكيل)] مجموع الفتاوى ١/ ١٨٣. وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في موضع آخر: [وأما قوله: (حسبي من سؤالي علمه بحالي فكلام باطل)، خلاف ما ذكره الله عن إبراهيم الخليل وغيره من
الأنبياء، من دعائهم لله، ومسألتهم إياه، وهو خلاف ما أمر الله به عباده من سؤالهم له صلاح الدنيا والآخرة] مجموع الفتاوى ٨/ ٥٣٩.
وأما بطلان ذلك درايةً فإن هذه الحكاية مخالفة لما هو مقرر في القرآن الكريم وفي السنة النبوية من مشروعية الدعاء، فالدعاء من العبادة وهو نوع من الأخذ بالأسباب وهو جزء من عقيدة المؤمن، وقد جاءت النصوص الكثيرة من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم مبينةً فضله وحاثةً عليه، فمن ذلك قوله تعالى:{وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ} سورة غافر الآية ٦٠. وقوله:{ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا وَادْعُوهُ خَوْفًا وَطَمَعًا إِنَّ رَحْمَةَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ} سورة الأعراف الآيتان ٥٥ - ٥٦. وقوله:{أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ} سورة النمل٦٢.وقوله:{وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ} سورة البقرة الآية ١٨٦. وقال جل جلاله في وصف عباده المؤمنين:{تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ} سورة السجدة الآية ١٦.