للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولم يأخذ أكثر الفقهاء بظاهر الحديث قال ابن حبان في صحيحه: تحت عنوان " ذكر خبر أوهم من لم يحكم صناعة العلم أن مال الابن يكون للأب. " ثم ذكر الحديث وعقب عليه بقوله: [ومعناه أنه صلى الله عليه وسلم زجر عن معاملته أباه بما يعامل به الأجنبي وأمره ببره والرفق به في القول والفعل معاً إلى أن يصل إليه ماله فقال له: (أنت ومالك لأبيك) لا أن مال الابن يملكه الأب في حياته عن غير طيب نفس من الابن له] صحيح ابن حبان ٢/ ١٤٢ - ١٤٣.

ويرى بعض أهل العلم أن اللام في قوله صلى الله عليه وسلم: (لأبيك) تفيد الإباحة لا التمليك فيباح للوالد أن يأخذ من مال الابن حاجته ولا تفيد أن الأب يملك مال الابن فإن مال الابن له وزكاته عليه وهو موروث عنه.

وقال الشيخ علي الطنطاوي: [إن الحديث قوي الإسناد لكن لا يؤخذ عند جمهور الفقهاء على ظاهره بل يؤول ليوافق الأدلة الشرعية الأخرى الثابتة والقاعدة الشرعية المستنبطة منها وهي أن المالك العاقل البالغ يتصرف بماله وليس لأحد التصرف به بغير إذنه.] فتاوى الطنطاوي ص ١٣٧.

وأخيراً أذكر رواية للحديث السابق لما فيها من العظة والعبرة وإن كان في سندها كلام فقد روي: (أنه جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله إن أبي أخذ مالي. فقال النبي صلى الله عليه وسلم للرجل: اذهب فائتني بأبيك. فنزل جبريل عليه السلام على النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إن الله يقرئك السلام ويقول: إذا جاءك الشيخ فسله عن شيء قاله في نفسه ما سمعته أذناه، فلما جاء الشيخ قال له النبي صلى الله عليه وسلم: ما بال ابنك يشكوك أتريد أن تأخذ ماله؟ فقال: سله يا رسول الله هل أنفقه إلا على عماته أو خالاته أو على نفسي؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: إيه دعنا من هذا وأخبرنا عن شيء قلته في نفسك ما سمعته أذاك. فقال الشيخ: والله يا رسول الله ما يزال الله يزيدنا بك يقيناً لقد قلت في نفسي شيئاً ما سمعته أذناي. فقال: قل وأنا أسمع. قال: قلت:

غذوتك مولوداً ومنتك يافعاً

إذا ليلة ضافتك بالسقم لم أبت

كأني أنا المطروق دونك بالذي

ت

فلما بلغت السن والغاية التي

جعلت جزائي غلظة وفظاظة

فليتك إذ لم ترع حق أبوتي

تراه معداً للخلاف كأنه ... تعل بما أجني عليك وتنهل

لسقمك إلا ساهراً أتململ

طرقت به دوني فعيناي تهمل

<<  <  ج: ص:  >  >>