والشكاكين أو المرائين أو الخائن في لفظه بتحريفه كأكثر العوام، بل وكثير من العلماء أو في معناه بتأويله الباطل كسائر المبتدعة، (ولا الجافي عنه) أي وغير المتباعد عنه المعرض عن تلاوته وإحكام قراءته وإتقان معانيه والعمل بما فيه، وقيل: الغلو المبالغة في التجويد أو الإسراع في القراءة بحيث يمنعه عن تدبر المعنى، والجفاء أن يتركه بعدما علمه لا سيما إذا كان نسيه فإنه عُدَّ من الكبائر، ... ولذا قيل اشتغلْ بالعلم بحيث لا يمنعك عن العمل، واشتغلْ بالعمل بحيث لا يمنعك عن العلم، وحاصله أن كلاً من طرفي الإفراط والتفريط مذموم، والمحمود هو الوسط العدل المطابق لحاله في جميع الأقوال والأفعال] مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح ٨/ ٧٠٦ - ٧٠٧.
وقد ورد في الحديث عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قام عام تبوك خطب الناس وهو مُضيفٌ ظهرَه إلى نخلة فقال: ألا أخبركم بخير الناس وشر الناس؟ إن من خير الناس رجلاً عمل في سبيل الله على ظهر فرسه أو على ظهر بعيره أو على قدميه حتى يأتيه الموت، وإن من شر الناس رجلاً فاجراً جريئاً يقرأ كتاب الله لا يرعوي إلى شيء منه) رواه النسائي وأحمد والحاكم، وقال: هذا حديث صحيح الإسناد ووافقه الذهبي.
قال العلامة المناوي في شرح الحديث: [(وإن من شر الناس رجلاً فاجراً) أي منبعثاً في المعاصي (جريئاً) بالهمز على فعيل اسم فاعل من جرؤ جراءةً مثل ضخم ضخامة، والاسم الجرأة كالغرفة وجرأته عليه بالتشديد فتجرأ واجترأ على القول أسرع بالهجوم عليه من غير توقف والمراد هنا هجَّام قويُ الإقدام (يقرأ كتاب الله) القرآن (لا يرعوي) أي لا ينكف ولا ينزجر (إلى شيء منه) أي من مواعظه وزواجره وتقريعه وتوبيخه ووعيده] فيض القدير ٣/ ١٣٣.