من الركوع بعد قوله:(لا مانع لما أعطيت، ولا معطي لما منعت)، (اللهم، طهرني من خطاياي بالماء والثلج والبرد، اللهم، نقني من الخطايا كما ينقي الثوب الأبيض من الدنس).
وجميع هذه الأحاديث المأثورة في دعائه بعد التشهد من فعله، ومن أمره، لم ينقل فيها إلا لفظ الإفراد. كقوله:(اللهم إني أعوذ بك من عذاب جهنم، ومن عذاب القبر، ومن فتنة المحيا والممات، ومن فتنة المسيح الدجال). وكذا دعاؤه بين السجدتين، وهو في السنن من حديث حذيفة، ومن حديث ابن عباس، وكلاهما كان النبي صلى الله عليه وسلم فيه إماماً، أحدهما بحذيفة، والآخر بابن عباس. وحديث حذيفة:(رب اغفر لي، رب اغفر لي)، وحديث ابن عباس فيه:(اغفر لي، وارحمني، واهدني، وعافني، وارزقني)، ونحو هذا.
فهذه الأحاديث التي في الصحاح والسنن تدل على أن الإمام يدعو في هذه الأمكنة بصيغة الإفراد. وكذلك اتفق العلماء على مثل ذلك. حيث يرون أنه يشرع مثل هذه الأدعية. وإذا عرف ذلك تبين أن الحديث المذكور إن صح فالمراد به الدعاء الذي يُؤمِّن عليه المأموم -كدعاء القنوت- فإن
المأموم إذا أَمَّن كان داعياً، قال الله تعالى لموسى وهرون:{قَدْ أُجِيبَت دَّعْوَتُكُمَا} سورة يونس الآية ٨٩، وكان أحدهما يدعو، والآخر يؤمن. وإذا كان المأموم مؤمناً على دعاء الإمام، فيدعو بصيغة الجمع، كما في دعاء الفاتحة في قوله:{اهدِنَا الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ}، فإن المأموم إنما أمَّن لاعتقاده أن الإمام يدعو لهما جميعاً، فإن لم يفعل، فقد خان الإمام المأموم. فأما المواضع التي يدعو فيها كل إنسان لنفسه -كالاستفتاح، وما بعد التشهد، ونحو ذلك- فكما أن المأموم يدعو