أن محمداً هو رسوله المبلغ فعلينا أن نصدق خبره ونطيع أمره وقد بين لنا ما نعبد الله به ونهانا عن محدثات الأمور وأخبر أنها ضلالة، قال تعالى:{بَلَى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَلَهُ أَجْرُهُ عِندَ رَبِّهِ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ} سورة البقرة الآية١١٢] رسالة العبودية ص ١٧٠ - ١٧١.
وذكر الإمام ابن العربي عن الزبير بن بكار قال: [سمعت مالك بن أنس وأتاه رجلٌ فقال: يا أبا عبد الله من أين أحرم؟ قال: من ذي الحليفة من حيث أحرم رسول صلى الله عليه وسلم. فقال: إني أريد أن أحرم من المسجد. فقال: لا تفعل. قال: فإني أريد أن أحرم من المسجد من عند القبر. قال: لا تفعل فإني أخشى عليك الفتنة. فقال: وأي فتنة هذه؟ إنما هي أميال أزيدها. قال: وأي فتنة أعظم من أن ترى أنك سبقت إلى فضيلة قصَّر عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم، إني سمعت الله يقول:{فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ}] الاعتصام للشاطبي ١/ ١٣٢.
إذا تقرر أن الأصل في العبادات التوقيف على رسول الله صلى الله عليه وسلم، أو كما يعبر بعض أهل العلم أن الأصل في العبادات الحظر والمنع، فإنه لا يجوز شرعاً جمع صلاة العصر إلى صلاة الجمعة لا في حق المقيم ولا في حق المسافر، لعدم ورود ذلك في السنة النبوية، وما نقل ذلك الجمع عن أحدٍ من الصحابة رضوان الله عليهم، ولا يصح إثبات ذلك بالقياس على جواز جمع الظهر مع العصر للفروق الكثيرة بين صلاتي الجمعة والظهر، فصلاة الجمعة لها كيفية خاصة بها، ولها أيضاً شروط خاصة بها، فلا يصح قياسها على الظهر لأنه لا قياس في الصلاة، قال العلامة محمد صالح العثيمين: [فإن قال قائل: أفلا يصح قياس جمع العصر إلى الجمعة على جمعها إلى الظهر؟