فانفلتت ذات ليلة من الوثاق فأتت الإبل فجعلت إذا دنت من البعير رغا فتتركه حتى تنتهي إلى العضباء فلم ترغ، قال وناقة منوقة -أي مذللة- فقعدت في عجزها ثم زجرتها فانطلقت، ونذروا بها فطلبوها فأعجزتهم، قال ونذرت لله إن نجاها الله عليها لتنحرنها، فلما قدمت المدينة رآها الناس فقالوا العضباء ناقة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالت إنها نذرت إن نجاها الله عليها لتنحرنها، فأتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكروا ذلك له فقال: سبحان الله بئسما جزتها نذرت لله إن نجاها الله عليها لتنحرنها، لا وفاء لنذر في معصية، ولا فيما لا يملك العبد).
قال الإمام النووي:[وفي هذا الحديث دلالة لمذهب الشافعي وموافقيه: أن الكفار إذا غنموا مالاً للمسلم لا يملكونه ... وحجة الشافعي وموافقيه هذا الحديث، وموضع الدلالة منه ظاهر. والله أعلم] شرح النووي على صحيح مسلم ٦/ ٣٢.
وقال الشيخ ابن حزم الظاهري: [ولا يملك أهل الكفر الحربيون مال مسلم، ولا مال ذمي أبداً إلا بالابتياع الصحيح، أو الهبة الصحيحة، أو بميراث من ذمي كافر، أو بمعاملة صحيحة في دين الإسلام، فكل ما غنموه من مال ذمي أو مسلم، أو آبق إليهم، فهو باق على ملك صاحبه ... وحكمه حكم الشيء الذي يغصبه المسلم من المسلم، ولا فرق. وهو قول الشافعي وأبي سليمان- أي داود الظاهري - ثم ذكر الشيخ ابن حزم كلاماً طويلاً في بيان هذه المسألة ثم قال: أخبرونا عما أخذه منا أهل الحرب أبحق أخذوه أم بباطل؟ وهل أموالنا مما أحله الله تعالى لهم أو مما حرمه عليهم؟ وهل هم ظالمون في ذلك أو غير ظالمين؟ وهل عملوا من ذلك عملاً موافقا لأمر الله تعالى وأمر نبيه عليه السلام، أو عملاً مخالفا لأمره تعالى وأمر رسوله صلى الله عليه وسلم؟