بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَى بِهَا أَوْ دَيْنٍ غَيْرَ مُضَآرٍّ وَصِيَّةً مِّنَ اللهِ وَاللهُ عَلِيمٌ حَلِيمٌ} سورة النساء الآية ١٢. قال الإمام القرطبي: [قوله تعالى: {غَيْرَ مُضَآرٍّ} ... فالإضرار راجع إلى الوصية والدين، أما رجوعه إلى الوصية فبأن يزيد على الثلث أو يوصي لوارث، فإن زاد فإنه يرد، إلا أن يجيزه الورثة، لأن المنع لحقوقهم لا لحق الله تعالى. وإن أوصى لوارث فإنه يرجع ميراثاً] تفسير القرطبي ٥/ ٨٠. فإذا كان قصد الوارث من الوصية لغير الوارث المُضَارَّة بالوارث وتقليل نصيبه من الميراث، فإن ذلك حرام عليه وهو آثم بهذا القصد، لقوله تعالى:: {غَيْرَ مُضَآرٍّ} وورد في الحديث عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إن الرجل ليعمل والمرأة بطاعة الله ستين سنة ثم يحضرهما الموت فيضاران في الوصية فتجب لهما النار) ثم قرأ أبو هريرة {مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَى بِهَا أَوْ دَيْنٍ غَيْرَ مُضَآرٍّ} رواه أبو داود والترمذي وقال: حديث حسن صحيح غريب. قال الشوكاني: [الحديث حسنه الترمذي وفي إسناده شهر بن حوشب وقد تكلم فيه غير واحد من الأئمة. ووثقه أحمد بن حنبل ويحيى بن معين ولفظ أحمد وابن ماجة الذي أشار إليه المصنف (أن الرجل ليعمل بعمل أهل الخير سبعين سنة فإذا أوصى حاف في وصيته فيختم له بشر عمله فيدخل النار، وان الرجل ليعمل بعمل أهل الشر سبعين سنة فيعدل في وصيته
فيدخل الجنة) وفيه وعيد شديد وزجر بليغ وتهديد، لأن مجرد المضارة في الوصية إذا كانت من موجبات النار بعد العبادة الطويلة في السنين المتعددة فلا شك أنها من الذنوب التي لا يقع في مضيقها إلا من سبقت له الشقاوة، وقراءة أبي هريرة للآية لتأييد معنى الحديث وتقويته، لأن الله سبحانه قد قيد ما شرعه