للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال الإمام النووي: [قوله صلى الله عليه وسلم: (فأسلم) برفع الميم وفتحها، وهما روايتان مشهورتان فمن رفع قال: معناه: أسلمُ أنا من شره وفتنته، ومن فتحَ قال: إن القرين أسلمَ، من الإسلام وصار مؤمناً لا يأمرني إلا بخير، واختلفوا في الأرجح منهما فقال الخطابي: الصحيح المختار الرفع، ورجح القاضي عياض، الفتح وهو المختار، لقوله: (فلا يأمرني إلا بخير)، واختلفوا على رواية الفتح، قيل: أسلمَ بمعنى استسلم وانقاد، وقد جاء هكذا في غير صحيح مسلم (فاستسلم)، وقيل: معناه صار مسلماً مؤمناً، وهذا هو الظاهر، قال القاضي: واعلم أن الأمة مجتمعة على عصمة النبي صلى الله عليه وسلم من الشيطان في جسمه وخاطره ولسانه. وفي هذا الحديث: إشارة إلى التحذير من فتنة القرين ووسوسته وإغوائه، فأعلمنا بأنه معنا لنحترز منه بحسب الإمكان] شرح النووي على مسلم ٦/ ٢٩٣.

وروى مسلم بإسناده عن عروة أن عائشة زوج النبى صلى الله عليه وسلم حدثته أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج من عندها ليلاً، قالت فغرت عليه فجاء فرأى ما أصنع فقال: (ما لك يا عائشة أغرت) فقلت وما لي لا يغار مثلي على مثلك فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أقد جاءك شيطانك). قالت يا رسول الله أو معي شيطان، قال: نعم. قلت ومع كل إنسان قال: نعم. قلت ومعك يا رسول الله قال: نعم ولكن ربى أعانني عليه حتى أسلمَ). فهذه النصوص وغيرها تثبت أن كل إنسانٍ قد وكِّل به قرينٌ من كفرة الجن، وعمل هذا القرين أنه يغوي الإنسان ويوسوس له. ونحن نؤمن أن الجن خلق من خلق الله عز وجل وأن لهم قدرات خاصة بهم كقدرتهم على سرعة الحركة مثلاً كما قال تعالى: {قَالَ عِفْريتٌ مِّنَ الْجِنِّ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَن تَقُومَ مِن مَّقَامِكَ وَإِنِّي عَلَيْهِ لَقَوِيٌّ أَمِينٌ} سورة النمل الآية ٣٩. ولكن لا يصح أن نبالغ في

<<  <  ج: ص:  >  >>