المساجد، وقد ثبت في الحديث عن بريدة رضي الله عنه (أن رجلاً نشد في المسجد - أي طلب ضالةً له - فقال النبي صلى الله عليه وسلم: من دعا إلى الجمل الأحمر؟ لا وجدت، إنما بنيت المساجد لما بُنيت له) رواه مسلم. قال الإمام النووي: [في هذين الحديثين فوائد منها: النهي عن نشد الضالة في المسجد، ويُلحق به ما في معناه من البيع والشراء والإجارة ونحوها من العقود، وكراهة رفع الصوت في المسجد ... وقوله صلى الله عليه وسلم (إنما بنيت المساجد لما بُنيت له) معناه لذكر الله والصلاة والعلم والمذاكرة في الخير ونحوها] شرح النووي على مسلم ٢/ ٢١٥. وقال الإمام القرطبي بعد أن ذكر حديث بريدة السابق: [وهذا يدل على أن الأصل ألا يعمل في المسجد غير الصلوات والأذكار وقراءة القرآن. وكذا جاء مفسراً من حديث أنس قال:(بينما نحن في المسجد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ جاء أعرابي فقام يبول في المسجد، فقال أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم: مه مه؛ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: لا تزرموه دعوه. فتركوه حتى بال، ثم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم دعاه فقال له: إن هذه المساجد لا تصلح لشيء من هذا البول ولا القذر إنما هي لذكر الله والصلاة وقراءة القرآن) ... وسمع عمر بن الخطاب رضي الله عنه صوت رجلٍ في المسجد فقال: ما هذا الصوت؟ أتدري أين أنت!] تفسير القرطبي
١٢/ ٢٦٩. ونقل العينى عن المحب الطبري قوله:[إن الأصل في المساجد تنزيهها عن اللعب فيقتصر على ما ورد فيه النص] عمدة القاري ٦/ ٢٧٠. وهذه النصوص والآثار وغيرها تدل على أن المسجد له أحكامه الخاصة التي تميزه عن المباني الأخرى، ومئذنة المسجد رمز للمسجد ومن معالم المسجد الهامة، فلا ينظر إليها كمبنى مرتفع فقط، وإنما هي منارة وشعار ينطلق منها الأذان المعلن بعقيدة التوحيد، ومن