الظاهرة والأمانة في الدين كما عبر فقهاء المالكية، وبناء على ذلك فإن فسق الحاضنة يسقط حقها في الحضانة فإذا كانت الزوجة المطلقة الحاضنة فاسقة بشرب الخمر ونحو ذلك فلا حضانة لها وينتزع المحضون منها وهذا القول قال به جمهور الفقهاء من الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة وبه أخذ قانون الأحوال الشخصية المعمول به في المحاكم الشرعية في بلادنا فقد جاء في المادة ١٥٥ منه " يشترط في الحاضنة أن تكون بالغة عاقلة أمينة ... قادرة على تربيته وصيانته ".
ومع قوة هذا القول ووجاهته إلا أنه لم يرد عليه دليل شرعي صريح وكذلك فإن اعتبار هذا الشرط يوقع الناس في الحرج لأن الفسق مما يغلب وجوده بين كثير من الناس وفي اعتبار هذا الشرط أيضاً إلحاق الضرر بالأولاد ولأن الفسق لا يحول بين الحاضنة وبين العناية بأمر الأولاد في الأعم الأغلب وهذا ما قرره العلامة ابن القيم والإمام الشوكاني.
قال ابن القيم مفنداً قول من يشترط العدالة في الحاضنة: [ومن العجب أنهم يقولون لا حضانة للفاسق فأي فسق أكبر من الكفر وأين الضرر المتوقع من الفاسق بنشوء الطفل على طريقته إلى الضرر المتوقع من الكافر مع أن الصواب أنه لا تشترط العدالة في الحاضنة قطعاً وإن شرطها أصحاب أحمد والشافعي وغيرهم واشتراطها في غاية البعد ولو اشترط في الحاضنة العدالة لضاع أطفال العالم ولعظمت المشقة على الأمة واشتد العنت ولم يزل من حين ما قام الإسلام إلى أن تقوم الساعة أطفال الفساق بينهم لا يتعرض لهم أحد في الدنيا مع كونهم الأكثرين، ومتى وقع في الإسلام انتزاع الطفل من أبويه أحدهما بفسقه؟ وهذا في الحرج والعسر - واستمرار العمل المتصل في سائر الأمصار والأعصار على خلافه - بمنزلة اشتراط العدالة في ولاية النكاح فإنه دائم الوقوع في الأمصار والأعصار والقرى والبوادي مع أن أكثر الأولياء الذين يلون ذلك فساق ولم يزل الفسق في الناس ولم يمنع النبي صلى الله عليه وسلم ولا أحد من الصحابة فاسقاً من تربية ابنه وحضانته له ولا من تزويجه موليته والعادة شاهدة بأن الرجل ولو كان من الفساق فإنه يحتاط لابنته ولا يضيعها ويحرص على الخير لها وإن قدر خلاف ذلك فهو قليل بالنسبة إلى المعتاد والشارع يكتفي