للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مكروه، ولذا قال الإمام ابن الصلاح بكراهة ما يفعله الناس بعد فراغهم من السعي بين الصفا والمروة، من صلاة ركعتين على متسع المروة، وكيف يجوز رفع الصوت به والله تعالى يقول في كتابه الحكيم (ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ) سورة الأعراف /٥٥، والتضرع من الضراعة وهي الذلة والخشوع والإستكانة والخفية بضم الخاء وكسرها، الإسرار به فإنه أقرب إلى الإخلاص وأبعد عن الرياء، وانتصابهما على الحال أي ادعوه متضرعين بالدعاء مخفين له مسرين به، ثم علل ذلك بقوله (إنه لا يحب المعتدين) في الدعاء بترك ما أمروا به من التضرع والإخفاء، كما لا يحب الإعتداء في سائر الأشياء، والإعتداء تجاوز الحدود فيها، فمن جاوز ما أمره الله به في شيء من الأشياء فقد اعتدى، والله لا يحب المعتدين ولا يشملهم برحمته وإحسانه، وتدخل المجاوزة في الدعاء في هذا المفهوم دخولاً أوليا، وحسبك في تعيين الإسرار بالدعاء إقترانه بالتضرع في هذه الآية الكريمة، فالإخلال به كالإخلال بالتضرع في الدعاء، وإن دعاء لا تضرع فيه ولا خشوع لقليل الجدوى، فكذلك دعاء لا خفية فيه ولا إسرار ولا وقار " الإبداع ٢٨٣ - ٢٨٤.

وقال العلامة ابن القيم: " وأما الدعاء بعد السلام من الصلاة مستقبل القبلة، أو المأمومين فلم يكن ذلك من هديه - صلى الله عليه وسلم - أصلاً ولا روي عنه بإسناد صحيح ولا حسن" زاد المعاد ١/ ٢٥٧.

ويكون الإستغفار ثلاثاً والتسبيح والتحميد والتكبير كل منها ثلاث وثلاثون مرة وختمها بالتهليل عقب الصلاة سراً، في أي حالة يكون عليها المصلون بعد الصلاة، من قيام وقعود ومشي وإن الإجتماع لذلك والإشتراك فيه ورفع الصوت بدع، هوّنها على الناس التعود " الفتح المبين ص٣٠٦.

وخلاصة الأمر أن الختم الجماعي للصلاة لم يرد عن الرسول - صلى الله عليه وسلم -، فالتزام فعل ذلك بعد كل صلاة بدعة، وأخيراً ينبغي التذكير بأن النهي عن البدع والدعوة إلى إتباع السنة النبوية، يجب أن يكون بأسلوب هين لين فيه رفق بالناس، وليس بالشدة والصراخ في المساجد لأن المساجد لها حرمتها

<<  <  ج: ص:  >  >>