وإسقاط الدين عن الفقير لا يعتبر، لا أخذاً من الأغنياء ولا رداً على الفقراء، وهذا قول جماهير أهل العلم الحنفية والمالكية والحنابلة وهو أصح القولين في مذهب الشافعية، واختاره شيخ الإسلام ابن تيمية، وهو قول أبي عبيد القاسم بن سلام وسفيان الثوري وغيرهم.
قال الإمام النووي:" إذا كان لرجل على معسر دين، فأراد أن يجعله من زكاته وقال له جعلته عن زكاتي فوجهان حكاهما صاحب البيان أصحهما لا يجزئه، وبه قطع الصيمري، وهو مذهب أبي حنيفة وأحمد، لأن الزكاة في ذمته فلا يبرأ إلا بإقباضها .... الخ " المجموع ٦/ ٢١٠.
وقال الإمام القرافي "لا يخرج في زكاته إسقاط دينه عن الفقير لأنه مستهلك عند الفقير" الذخيرة ٣/ ١٥٣.
وقال ابن قدامه:" قال مهنا: سألت أبا عبد الله - يعني الإمام أحمد - عن رجل له دين برهن وليس عنده قضاؤه، ولهذا الرجل زكاة مال يريد أن يفرقها على المساكين فيدفع إليه رهنه ويقول له: الدين الذي لي عليك هو لك ويحسبه من زكاة ماله، قال -أحمد- لا يجزيه ذلك، ثم قال ابن قدامة معللاً ذلك: لأن الزكاة لحق الله تعالى، فلا يجوز صرفها إلى نفعه، ولا يجوز أن يحتسب الدين الذي له من الزكاة قبل قبضه، لأنه مأمور بأدائها وإيتائها وهذا إسقاط، والله أعلم " المغني ٢/ ٤٨٧.
وسُئل شيخ الإسلام ابن تيمية عن إسقاط الدين عن المعسر، هل يجوز أن يحسبه من الزكاة؟ فأجاب:" وأما إسقاط الدين عن المعسر فلا يجزئ عن زكاة العين بلا نزاع" الفتاوى ٢٥/ ٨٤.
وقال أبو عبيد القاسم بن سلام: " وكان سفيان بن سعيد الثوري فيما حكوا عنه يكرهه ولا يراه مجزئاً - أي إسقاط الدين واحتسابه من الزكاة - فسألت عنه عبد الرحمن، فإذا هو على مثل رأي سفيان، ولا أدري لعله قد ذكره عن مالك أيضاً، وكذلك هو عندي غير مجزئ عن صاحبه، لخلال اجتمعت فيه:
أما إحداها: فإن سنة رسول الله- صلى الله عليه وسلم - في الصدقة كانت على خلاف