بل قال بعضهم إذا استنجى الصائم فأدخل إصبعه في دبره أفطر، وإذا اكتحل أفطر .. الخ، وهذا الكلام غير مسلّم به وغير مقبول لماذا؟
لأن الصيام مما يبتلى به عامة الناس في دين الإسلام ولو كانت مثل هذه الأمور مفسدة للصوم لبينها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بياناً عاماً مفصلاً، قال شيخ الإسلام ابن تيمية يرحمه الله:" وأما الكحل والحقنة وما يقطر في إحليله ومداواة المأمومة والجائفة، فهذا مما تنازع فيه أهل العلم فمنهم من لم يفطر بشيء من ذلك، ومنهم من فطر بالجميع لا بالكحل، ومنهم من فطر بالجميع لا بالتقطير، ومنهم من لم يفطر بالكحل ولا بالتقطير ويفطر بما سوى ذلك، والأظهر أنه لا يفطر بشيء من ذلك، فإن الصيام من دين المسلمين الذي يحتاج إلى معرفته الخاص والعام، فلو كانت هذه الأمور مما حرمها الله ورسوله في الصيام ويفسد الصوم بها، لكان هذا مما يجب على الرسول بيانه، ولو ذكر ذلك، لعلمه الصحابة وبلغوه الأمة، كما بلغوا سائر شرعه فلما لم ينقل أحد من أهل العلم عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في ذلك لا حديثاً صحيحاً ولا ضعيفاً ولا مسنداً ولا مرسلاً، عُلم أنه لم يذكر شيئاً من ذلك " مجموع الفتاوى ٢٥/ ٢٣٣ - ٢٣٤.
وقال أيضاً:" إن الأحكام التي تحتاج الأمة معرفتها لا بد أن يبينها الرسول بياناً عاماً ولا بد أن تنقلها الأمة، فإذا انتفى هذا عُلم أن هذا ليس من دينه .... وإذا كانت الأحكام التي تعم بها البلوى لا بد أن يبينها - صلى الله عليه وسلم - بياناً عاماً، ولا بد أن تنقل الأمة، فمعلوم أن الكحل ونحوه مما تعم به البلوى كما تعم بالدهن والإغتسال والبخور والطيب فلو كان هذا مما يفطر لبينه النبي - صلى الله عليه وسلم - كما بين الإفطار بغيره .... " مجموع الفتاوى ٢٥/ ٢٣٦ - ٢٤٢.
وقال ابن حزم:" إنما نهانا الله تعالى في الصوم عن الأكل والشرب والجماع وتعمد القيء والمعاصي، وما علمنا أكلاً ولا شرباً يكون على دبر أو إحليل أو أذن أو عين أو أنف أو من جرح في البطن أو الرأس، وما نهينا قط أن نوصل إلى الجوف بغير الأكل والشرب ما لم يحرم علينا إيصاله " المحلى ٤/ ٣٤٨.