فالله سبحانه وتعالى سمَّى تحريم ما أحل الله يميناً، وفرض تحلة اليمين، وهي كفارة اليمين، وقد ثبت في الحديث، عن عبيد بن عمير قال: سمعت عائشة رضي الله عنها تقول: (أن النبي - صلى الله عليه وسلم -، كان يمكث عند زينب ابنة جحش، ويشرب عندها عسلاً، فتواصيت أنا وحفصة، أنَّ أيَتنا دخل عليها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فلتقل:" إني لأجد ريح مغافير، أكلت مغافير؟ " - وهو نوع من النبات له رائحة كريهة - فدخل على إحداهما فقالت له ذلك، فقال: لا بأس شربت عسلاً عند زينب ابنة جحش، ولن أعود، فنزلت الآية
قال شيخ الإسلام ابن تيمية:" وسبب نزول هذه الآية إما تحريمه العسل وإما تحريمه مارية القبطية، وعلى التقديرين فتحريم الحلال يمين على ظاهر الآية وليس يميناً بالله، ولهذا أفتى جمهور الصحابة، كعمر وعثمان وعبد الله بن مسعود وعبد الله بن عباس وغيرهم، أن تحريم الحلال يمين مكفرة " مجموع الفتاوى ٣٥/ ٢٧١ - ٢٧٢.
ومما يدل على أن تحريم الإنسان الحلال من الطعام والشراب على نفسه يعتبر يميناً، ما جاء في الأثر عن ابن مسعود " أنه جيء عنده بطعام فتنحى رجل فقال: إني حرمته أن لا آكله، فقال: ادن فكل وكفِّر عن يمينك، ثم تلا هذه الآية (يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ وَلا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ) سورة المائدة /٨٧، قال الحافظ ابن حجر وسنده صحيح فتح الباري ١٤/ ٣٨٥.
وروى عبد الرزاق في المصنف بسنده عن الحسن البصري قال: " إن قال: كل حلالٍ عليَّ حرام، فهو يمين، وكان قتادة يفتي به " المصنف ٦/ ٤٠٢.
وروى ابن أبي شيبة بأسانيده عن عمر وعائشة وابن عباس أنهم قالوا: " الحرام يمين " المصنف ٥/ ٣٧.