وأجاز الحنابلة بيع العربون وروي القول بصحة بيع العربون عن عمر وابنه عبد الله، وقال به محمد بن سيرين وسعيد بن المسيب، وقد ضعف الإمام أحمد الحديث الوارد في النهي عن بيع العربون، واحتج لصحته بما ورد عن نافع بن عبد الحارث " أنه اشترى لعمر دارالسجن من صفوان بن أمية بأربعة آلاف درهم فإن رضي عمر كان البيع نافذاً وإن لم يرض فلصفوان أربعمئة درهم "، قال الأثرم: قلت لأحمد: " تذهب إليه؟ قال: أي شيء أقول؟ هذا عمر - رضي الله عنه -، وضعّف الحديث المروي " المغني ٤/ ١٧٦.
واحتجوا على صحته بما رواه عبد الرزاق في المصنف، عن زيد ابن أسلم أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (سئل عن بيع العربان فأحله)، ولكنه مرسل وفيه ضعيف كما قال الشوكاني في نيل الأوطار ٥/ ١٧٣.
والقول بصحة بيع العربون هو أرجح القولين في المسألة لما في ذلك من تحقيق مصالح العباد وخاصة أنه لم يثبت النهي عن بيع العربون عن الرسول - صلى الله عليه وسلم -.
ومن المعلوم أن طريقة العربون، هي وثيقة الارتباط العامة في التعامل التجاري في العصور الحديثة، وتعتمدها قوانين التجارة وعرفها، وهي أساس لطريقة التعهد بتعويض ضرر الغير عن التعطل والإنتظار.
وقد أيد ذلك ابن القيم رحمه الله بما رواه البخاري في صحيحه في باب ما يجوز من الاشتراط، عن ابن عون عن ابن سيرين أنه قال:" قال رجل لكرّيه: أرحل ركابك فان لم أرحل معك في يوم كذا، فلك مئة درهم، فلم يخرج فقال شريح: من شرط على نفسه طائعاً غير مكره فهو عليه " المدخل الفقهي ١/ ٤٩٥ - ٤٩٦، والكرّي هو المكاري الذي يؤجر الدواب للسفر، وأرحل ركابك، أي شدّ على دوابك رحالها استعداداً للسفر.
وبناءً على ما تقدم، يجوز أخذ العربون إن تراجع المشتري عن الصفقة.
وإن كنت أفضل أن يعاد العربون لصاحبه خروجاً من الخلاف ورحمة بالناس.