النزاع والخصومة فمن المعلوم عند أهل العلم أن الصلح جائز ومشروع بنص كتاب الله وسنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقد قال تعالى:(لا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلاَّ مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاحٍ بَيْنَ النَّاسِ) سورة النساء /١١٤.
وقال تعالى:(وَإِنْ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحًا وَالصُّلْحُ خَيْرٌ) سورة النساء /١٢٨.
وورد في الحديث أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:(الصلح جائز بين المسلمين، إلا ما حرّم حلالاً أو أحل حراماً، والمسلمون على شروطهم، إلا شرطاً حرّم حلالاً أو أحل حراماً) رواه الترمذي وأبو داود وغيرهما، وهو حديث حسن.
وقد ثبت في الحديث الصحيح، عن كعب بن مالك - رضي الله عنه -، أنه كان له على عبد الله ابن بي حدرد الأسلمي مال، فلقيه فلزمه حتى ارتفعت أصواتهما، فمرّ بهما رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال:(يا كعب، فأشار بيده كأنه يقول النصف، فأخذ نصف ماله عليه وترك نصفاً) رواه الإمام البخاري.
وفي رواية للبخاري أيضاً، عن كعب أنه تقاضى ابن أبي حدرد ديناً كان له عليه في المسجد، فارتفعت أصواتهما حتى سمعهما رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في بيته، فخرج إليهما حتى كشف سجف حجرته - أي ستر البيت -، فنادى:(يا كعب قال: لبيك يا رسول الله، فقال: ضع من دينك هذا، وأومأ إليه، أي الشطر، قال: لقد فعلت، قال: قم فاقضه).
وفي هذا الحديث دلالة على جواز الشفاعة لصاحب الحق أن يسقط شيئاً من حقه حيث أشار الرسول - صلى الله عليه وسلم - لكعب لكي يسقط نصف دينه عن عبد الله بن أبي حدرد ثم أمر الرسول - صلى الله عليه وسلم - عبد الله بن أبي حدرد أن يسدد الشطر الثاني من الدين لكعب بن مالك.