وروى الطبري بإسناده عن سعيد بن جبير أن الآية (وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنصِتُوا) قال: "الإنصات يوم الأضحى ويوم الفطر ويوم الجمعة وفيما يجهر به الإمام في الصلاة" تفسير الطبري ٦/ ١٦٥.
وعلق القرطبي على قول سعيد بن جبير بعد أن نقله بقوله:" وهو الصحيح لأنه يجمع ما أوجبته هذه الآية وغيرها من السنة في الإنصات " تفسير القرطبي ٧/ ٣٥٣ - ٣٥٤.
ثم نقل القرطبي عن النقاش قوله:" أجمع أهل التفسير أن هذا الإستماع في الصلاة المكتوبة وغير المكتوبة ".
وحكى ابن المنذر الإجماع على عدم وجوب الاستماع والإنصات في غير الصلاة والخطبة وذلك أن إيجابهما على كل من يسمع أحداً يقرأ فيه حرج عظيم لأنه يقتضي أن يترك له المشتغل بالعلم علمه والمشتغل بالحكم حكمه، والمتبايعان مساومتهما وتعاقدهما وكل ذي شغلٍ شغله " تفسير المنار ٩/ ٥٥٢ - ٥٥٣.
وقال العز بن عبد السلام: " الاستماع للقرآن والتفهم لمعانيه من الآداب المشروعة المحثوث عليها، والاشتغال عن ذلك بالتحدث بما لا يكون أفضل من الاستماع سوء أدب على الشرع " فتاوى العز بن عبد السلام ص٤٨٥ - ٤٨٦.
وقال جلال الدين السيوطي: " يسن الاستماع لقراءة القرآن، وترك اللغط والحديث بحضور القراءة، قال تعالى:(وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ) " الإتقان ١/ ١٤٥.
ومما يدل على أن الاستماع لقراءة القرآن خارج الصلاة والخطبة مندوب ما ورد من الأدلة في جواز الكلام خارج الصلاة والخطبة.
ومما ينبغي التنبيه عليه، أن ترك الاستماع والإنصات للقرآن والاشتغال بالأحاديث المختلفة مكروه كراهة شديدة، وتكون الكراهة أشد إذا كان المتحدثون بأمور الدنيا قرب قارئ القرآن، وأما إذا كان المجلس فيه كثير