وتكرير الأحكام، وكنت جمعت في الحيض في شرح المهذب مجلداً كبيراً مشتملاً على نفائس، ثم رأيت الآن اختصاره والإتيان بمقاصده، ومقصودي بما نبهت عليه، ألا يضجر مطالعه بإطالته فإني أحرص إن شاء الله على ألا أطيله إلا بمهمات وقواعد مطلوبات وما ينشرح به قلب من به طلب مليح وقصد صحيح، ولا ألتفت إلى كراهة ذوي المهانة والبطالة، فإن مسائل الحيض يكثر الإحتياج إليها لعموم وقوعها وقد رأيت ما لا يحصى من المرات من يسأل من الرجال والنساء عن مسائل دقيقة وقعت فيه، لا يهتدي إلى الجواب الصحيح فيها، إلا أفراد من الحذاق المعتنين بباب الحيض، ومعلوم أن الحيض من الأمور العامة المتكررة ويترتب عليه ما لا يحصى من الأحكام، كالطهارة والصلاة والقراءة، والصوم والإعتكاف والحج، والبلوغ والوطء، والطلاق والخلع والإيلاء، وكفارة القتل وغيرها والعدة والإستبراء، وغير ذلك من الأحكام، فيجب الإعتناء بما هذه حاله، وقد قال الدارمي في كتاب المتحيرة: الحيض كتاب ضائع لم يصنف فيه تصنيف يقوم بحقه ويشفي القلب، وأنا أرجو من فضل الله تعالى أن ما أجمعه في هذا الشرح يقوم بحقه أكمل قيام وإنه لا تقع مسألة إلا وتوجد فيه نصاً أو استنباطاً، لكن قد يخفى موضعها على من لا تكمل مطالعته وبالله التوفيق)) المجموع ٢/ ٣٤٤ - ٣٤٥.
وقال العلاّمة البركوي:" فقد اتفق الفقهاء على فرضية علم الحال على كل من آمن بالله واليوم الآخر من نسوة ورجال.
فمعرفة أحكام الدماء المختصة بالنساء واجبة عليهن، وعلى الأزواج والأولياء ولكن هذا العلم كان في زماننا مهجوراً، بل صار كأن لم يكن شيئاً مذكوراً، لا يفرقون بين الحيض والنفاس والإستحاضة .... ".
ونقل ابن عابدين عن ابن نجيم قال: " واعلم أن باب الحيض من غوامض الأبواب خصوصاً المتحيرة وتفاريعها، ولهذا اعتنى به المحققون.
وأفرده محمد بن الحسن الشيباني صاحب أبي حنيفة رحمه الله في كتاب مستقل ومعرفة مسائله من أعظم المهمات، لما يترتب عليها مما لا