يرتكب ذنباً أنه يعصي الله عز وجل، وقد قال بعض السلف:" لا تنظر إلى صغر الذنب، ولكن انظر من عصيت ".
فالمسلم ملتزم بشرع الله التزاماً كاملاً ولا يدفعه أن هذا الذنب صغير إلى التساهل في الوقوع في المعاصي، فإن الله عز وجل قال:(مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ وَلا يَجِدْ لَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَلا نَصِيرًا) سورة النساء /١٢٣.
فالأصل في المسلم أن يجتنب كل ما نهى الشارع الحكيم عنه، ويدل على ذلك ما ثبت في الحديث الصحيح أن عليه الصلاة والسلام قال:(ما نهيتكم عنه فاجتنبوه، وما أمرتكم به فأتوا منه ما استطعتم) رواه البخاري ومسلم.
إذا تقرر ذلك فأقول إن جماهير العلماء قالوا: إن المعاصي تنقسم إلى صغائر وكبائر، وقد اختلفوا في حقيقة الكبيرة، وهذه بعض أقوالهم:
فمنهم من يرى أن الكبيرة هي ما لحق صاحبها بخصوصها وعيد شديد بنص من القرآن الكريم أو السنة النبوية، قال ابن عباس رضي الله عنهما:" الكبيرة كل ذنب ختمه الله بنار أو غضب أو لعنة أو عذاب " تفسير القرطبي ٥/ ١٥٩.
ومن العلماء من يرى أن الكبيرة هي كل معصية أوجبت الحد.
ومنهم من يرى أن الكبيرة هي كل محرم لعينه منهيٌ عنه لمعنى في نفسه فأن فعل على وجه يجمع وجهين أو وجوهاً من التحريم كان فاحشة، فالزنا كبيرة، وأن يزني الرجل بزوجة جاره فاحشة.
وقال المفسر الواحدي:" الصحيح أن الكبيرة ليس لها حد يعرفها العباد به، وإلا لاقتحم الناس الصغائر واستباحوها، ولكن الله عز وجل أخفى ذلك عن العباد ليجتهدوا في اجتناب المنهي عنه رجاءً أن تجتنب الكبائر، ونظائره إخفاء الصلاة الوسطى وليلة القدر وساعة الإجابة ونحو ذلك، وغير ذلك من الأقوال " الزواجر عن اقتراف الكبائر ١/ ١٤ - ١٦.
وكل ما ذكره أهل العلم في تعريف الكبيرة إنما هو على وجه التقريب، وليس على وجه التحديد.