ويؤيد ذلك ما جاء في الحديث الطويل في قصة توبة كعب بن مالك، حين تخلف عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في غزوة تبوك، فتاب الله عليه، وفيه:(وآذن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بتوبة الله علينا حين صلى صلاة الفجر، فتلقاني الناس فوجاً فوجاً يهنئوني بالتوبة يقولون: لتهنك توبة الله عليك حتى دخلت المسجد، فإذا برسول الله - صلى الله عليه وسلم - وحوله الناس، فقام إليّ طلحة بن عبيد الله يهرول حتى صافحني وهنأني .... ) رواه البخاري ومسلم وغير ذلك من الأحاديث.
وينبغي التنبيه، أنه ورد النهي عن القيام للقادم إذا كان بقصد المباهاة والتفاخر والسمعة والكبرياء، فقد ورد في الحديث عن معاوية بن أبي سفيان أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:(من سرّه أن يتمثل له الرجال قياماً فليتبوأ مقعده من النار) رواه أبو داود والترمذي وحسنه.
وقد جعل ابن رشد المالكي، القيام للقادم على أربعة أوجه:
١ - محظور، وهو أن يقع لمن يريد أن يقام له تكبراً وتعاظماً على القائمين إليه.
٢ - مكروه، وهو أن يقع لمن لا يتكبر ولا يتعاظم على القائمين، ولكن يخشى أن يدخل إلى نفسه بسبب ذلك ما يحذر، ولما فيه من التشبه بالجبابرة.
٣ - جائز، وهو أن يقع على سبيل البر والإكرام لمن لا يريد ذلك، ويؤمن معه التشبه بالجبابرة.
٤ - مندوب، وهو أن يقوم لمن قدم من سفر فرحاً بقدومه، أو إلى من تجددت له نعمة، فهنئه بحصولها، أو مصيبة فيعزيه بسببها. " فتح الباري ١٣/ ٢٩٠.
قال الشيخ أحمد بن قدامة المقدسي: " وقد قال العلماء: يستحب القيام للوالدين والإمام العادل، وفضلاء الناس، وقد صار هذا كالشعار بين الأفاضل، فإذا تركه الإنسان في حق من يصلح أن يفعله في حقه، لم يأمن أن ينسبه إلى إهانته والتقصير في حقه، فيوجب ذلك حقداً، واستحباب هذا