للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

التي تقع للناس، وخاصة بعض القضايا المعاصرة، حيث إن الفقه الإسلامي لا يقف جامداً، أمام المشكلات التي تتجدد للناس، وإنما يدرس الموضوعات، والقضايا الجديدة التي تمخضت عنها الحياة المعاصرة، بما جدَّ فيها من أنظمة وقوانين، ومخترعات واكتشافات، وتقدم علمي واقتصادي، وفكري وطبي، واجتماعي وإعلامي، وغير ذلك مما يلح العصر على دراستها (١)، وبيان حكم الشرع فيها، اعتماداً على الأدلة الشرعية، والضوابط والقواعد، التي أرسى قواعدها، فقهاؤنا الأجلاء، لنسير على هديها، ولا نخرج عنها؛ فإن في ذلك تحقيقاً لمصالح العباد، في المعاش والمعاد؛ فإن الشريعة مبناها وأساسها على الحِكَم ومصالح العباد في المعاش والمعاد، وهي عدلٌ كلها، ورحمةٌ كلها، ومصالح كلها، وحكمةٌ كلها، فكل مسألة خرجت عن العدل إلى الجور، وعن الرحمة إلى ضدها، وعن المصلحة إلى المفسدة، وعن الحكمة إلى العبث، فليست من الشريعة وإن أُدخلت فيها بالتأويل، فالشريعة عدل الله بين عباده ورحمته بين خلقه، وظله في أرضه، وحكمته الدالة عليه وعلى صدق رسوله - صلى الله عليه وسلم - أتم دلالة وأصدَقَها، وهي نوره الذي أبصر به المبصرون، وهداه الذي به اهتدى المهتدون، وشفاؤه التام الذي به دواء كل عليل، وطريقه المستقيم الذي من استقام عليه فقد استقام على سواء السبيل، فهي قُرة العيون، وحياة القلوب، ولذة الأرواح؛ فهي بها الحياة والغذاء والدواء والنور والشفاء والعصمة، وكل خير من الوجود فإنما هو مستفاد منها، وحاصل بها، وكل نقص في الوجود فسببه من إضاعتها، ولولا رسوم قد بقيت لخربت الدنيا وطُويَ العالم، وهي العصمة للناس وقوام العالم، وبها يمسك الله السماوات والأرض أن تزولا، فإذا أراد الله سبحانه وتعال خرابَ الدنيا وطَي العالم

رفَع إليه ما بقي من رسومها، فالشريعة التي بعث الله بها رسوله هي عمود العالم، وقطب الفلاح والسعادة في الدنيا والآخرة (٢).


(١) منهج البحث في الفقه الإسلامي ص ٨٢.
(٢) إعلام الموقعين عن رب العالمين للعلامة ابن القيم ج ٣ ص ٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>