وقال في موضع آخر: قد كان شيبة يتصدق بخلقان الكعبة - أي كسوة الكعبة التي بليت ونزعت عنها -.
وروى الخلال بإسناده عن علقمة عن أمه أن شيبة بن عثمان الحجبي جاء إلى عائشة رضي الله عنها فقال يا أم المؤمنين إن ثياب الكعبة تكثر عليها فننزعها فنحفر لها آباراً فندفنها فيها حتى لا تلبسها الحائض والجنب.
قالت عائشة: بئس ما صنعت ولم تصب. إن ثياب الكعبة إذا نزعت لم يضرها من لبسها من حائض أو جنب ولكن لو بعتها وجعلت ثمنها في سبيل الله والمساكين.
فكان شيبة يبعث بها إلى اليمن فتباع فيضع ثمنها حيث أمرته عائشة.
وهذه قصة مثلها ينتشر ولم ينكر فيكون إجماعاً ولأنه مال الله تعالى لم يبق له مصرف فصرف إلى المساكين كالوقف المنقطع] المغني ٦/ ٣١.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية:[وما فضل من ريع وقف عن مصلحته صرف في نظيره أو مصلحة المسلمين من أهل ناحيته ولم يحبس المال دائماً بلا فائدة فقد كان عمر بن الخطاب كل عام يقسم كسوة الكعبة بين الحجيج ونظير كسوة الكعبة المسجد المستغنى عنه من الحصر ونحوها وأمر بتحويل مسجد الكوفة من مكان إلى مكان حتى صار موضع الأول سوقاً] مجموع فتاوى شيخ الإسلام ٣١/ ٩٣.
وسئل شيخ الإسلام ابن تيمية عن الوقف إذا فضل من ريعه واستغني عنه؟
فأجاب:[يصرف في نظير تلك الجهة كالمسجد إذا فضل عن مصالحه صرف في مسجد آخر لأن الواقف غرضه في الجنس والجنس واحد فلو قدر أن المسجد الأول خرّب ولم ينتفع به أحد صرف ريعه في مسجد آخر فكذلك إذا فضل عن مصلحته شيء فإن هذا الفاضل لا سبيل إلى صرفه إليه ولا إلى تعطيله فصرفه في جنس المقصود أولى وهو أقرب الطرق إلى مقصود الواقف وقد روى أحمد عن علي
رضي الله عنه أنه حض الناس على إعطاء مكاتب ففضل شيء عن حاجته فصرفه في المكاتبين] المصدر السابق ٣١/ ٢٠٦ - ٢٠٧.