وكتب عمر إلى سعد بن أبي وقاص وهو على الكوفة بمثل ذلك.
وكتب عمر أيضاً إلى عمرو بن العاص وهو على مصر بمثل ذلك.
وكان الصحابة رضي الله عنهم يأتون إلى الجمعة من مسافة بعيدة فقد كان عبد الله بن رواحة يأتي الجمعة من مسافة ميلين وكان أبو هريرة يأتي الجمعة في مسجد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من ذي الحليفة " آبار علي ".
وذكر الحافظ ابن حجر:[قال الأثرم للإمام أحمد بن حنبل: أجُمِعَ جمعتان في مصر؟ قال لا أعلم أحداً فعله] انظر إصلاح المساجد ص ٥٢ - ٥٤.
وقد بين الإمام السبكي أن قول من قال من العلماء بجواز تعدد الجمعة لا يحمل على تعددها مطلقاً وإنما يكون ذلك للحاجة إلى التعدد فقال:[وينبغي أن يفهم أن مذهبه هذا عند الحاجة لأنه إنما تكلم في ذلك فيتقيد بحسب الحاجة ولا يحمل على إجازة تعددها مطلقاً في كل المساجد فتصير كالصلوات الخمس حتى لا يبقى للجمعة خصوصية فإن هذا معلوم بطلانه بالضرورة لاستمرار عمل الناس عليه من النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى اليوم] فتاوى السبكي ١/ ١٧٩.
وقال الشيخ القاسمي:[فالذي أراه في الخروج من عهدة هذه الحالة أن يترك التجميع في كل مسجد صغير - سواء أكان بين البيوت أو في الشوارع - وفي كل مسجد كبير أيضاً يستغنى عنه بغيره وأن ينضم كل أهل محلة كبرى إلى جامعها الأكبر ولتفرض كل محلة كبرى كقرية على حدة فيستغنى بذلك عن كثير من زوائد المساجد ويظهر الشعار في تلك الجوامع الجامعة فيخرج من عهدة التعدد] إصلاح المساجد من البدع والعوائد ص ٦٢.
وخلاصة الأمر أنه يجوز تعدد الجمعة لحاجة وهذا يوافق مقاصد الشرع الحنيف قال تعالى:(وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ) سورة الحج الآية ٧٨.
والحاجة كالضرورة تقدر بقدرها فلا ينبغي تعدد الجمعة بدون حاجة لما في ذلك من تفويت مقاصد الجمعة وحكمة مشروعيتها.