وقال ابن حزم:[وأما رفع الأيدي فإنه لم يأت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في رفع شيء من تكبير الجنازة إلا في أول تكبيرة فقط فلا يجوز فعل ذلك لأنه عمل في الصلاة لم يأت به نص] المحلى ٣/ ٣٥١.
وقال الشوكاني:[والحاصل أنه لم يثبت في غير التكبيرة الأولى شيء يصلح للاحتجاج به عن النبي - صلى الله عليه وسلم -] نيل الأوطار ٤/ ٧١.
وقال الشيخ الألباني:[ولم نجد في السنة ما يدل على مشروعية الرفع في غير التكبيرة الأولى فلا نرى مشروعية ذلك وهو مذهب الحنفية وغيرهم واختاره الشوكاني وغيره من المحققين وإليه ذهب ابن حزم] أحكام الجنائز ص ١١٦.
وقد عارض ما تقدم آثار وردت عن بعض الصحابة كابن عمر تنص على رفع الأيدي مع كل تكبيرة وهي مستند العلماء القائلين بذلك إلا أنه قد ورد عنه خلافه فتعارضت.
ولا ينبغي لإمام المسجد أن ينكر على المصلين الذين يرفعون أيديهم مع كل تكبيرة من تكبيرات الجنازة لأن هؤلاء المصلين يقلدون العلماء القائلين بذلك كالشافعي وأحمد وغيرهما.
والمسألة خلافية ولا ينبغي الإنكار في مسائل الخلاف ما دام أن المخالف من العلماء أهل الاجتهاد وله أدلته وليس في المسألة نص عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعلى إمام المسجد إن كان لا يأخذ برفع اليدين أن يبين قوله للناس وأدلته فقط ولا ينكر عليهم مخالفته فإن الأمر فيه سعة.
قال الإمام سفيان الثوري:[إذا رأيت الرجل يعمل العمل الذي قد اختلف فيه وأنت ترى غيره فلا تنهه].
وقال الإمام أحمد:[لا ينبغي للفقيه أن يحمل الناس عل مذهب.].
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية:[. وأما إذا لم يكن في المسألة سنة ولا إجماع وللاجتهاد فيها مساغ فلا ينكر على من عمل بها مجتهداً أو مقلداً] الآداب الشرعية ١/ ١٦٩، دراسات في الاختلافات الفقهية ١٠٣/ ١٠٤.