ونقل عن أبي حنيفة أنه يجوز بيع السرقين - الزبل - لاتفاق أهل الأمصار في جميع الأعصار على بيعه من غير إنكار ولأنه يجوز الانتفاع به فجاز بيعه كسائر الأشياء. انظر المجموع ٩/ ٢٣٠.
ومما يؤيد القول بجواز بيع الزبل الناتج من الحيوانات مأكولة اللحم أن روثها طاهر على الصحيح من أقوال أهل العلم وبيع الشيء الطاهر جائز بلا خلاف وأما كونه طاهراً فلأنه لم يثبت في الشرع دليل صحيح صريح في نجاسته.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية:[إن الأصل الجامع طهارة جميع الأعيان حتى تتبين نجاستها فكل ما لم يبين لنا أنه نجس فهو طاهر وهذه الأعيان لم يبين لنا نجاستها فهي طاهرة] مجموع الفتاوى ٢١/ ٥٤٢
وقال شيخ الإسلام أيضاً: [إن هذه الأعيان لو كانت نجسة لبينه النبي - صلى الله عليه وسلم - ولم يبينه فليست نجسة وذلك لأن هذه الأعيان تكثر ملابسة الناس لها ومباشرتهم لكثير منها خصوصاً الأمة التي بعث فيها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فإن الإبل والغنم غالب أموالهم ولا يزالون يباشرونها ويباشرون أماكنها في مقامهم وسفرهم مع كثرة الاحتفاء فيهم. ومحالب الألبان كثيراً ما يقع فيها من أبوالها وليس ابتلاؤهم بها بأقل من ولوغ الكلب في أوانيهم فلو كانت نجسة يجب غسل الأبدان والثياب والأواني منها وعدم مخالطته ويمنع الصلاة مع ذلك ويجب تطهير الأرض مما فيه ذلك إذا صلى فيها والصلاة فيها تكثر في أسفارهم وفي مراعي أغنامهم ويحرم شرب اللبن الذي يقع فيه بعرها وتغسل اليد إذا أصابها البول أو رطوبة البعر إلى غير ذلك من أحكام النجاسة لوجب أن يبين النبي - صلى الله عليه وسلم - بياناً تحصل به معرفة الحكم ولو بين ذلك لنقل جميعه أو بعضه فإن الشريعة وعادة القوم توجب مثل ذلك فلما لم ينقل ذلك علم أنه لم يبين لهم نجاستها.
وعدم ذكر نجاستها دليل على طهارتها من جهة تقريره لهم على مباشرتها وعدم النهي عنه والتقرير دليل الإباحة ومن وجه أن مثل هذا يجب بيانه بالخطاب ولا تحال الأمة فيه على الرأي لأنه من الأصول لا من الفروع ومن