وقد ثبت في الحديث عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - قال:(مطل الغني ظلم) رواه البخاري ومسلم.
قال الإمام النووي: [قوله - صلى الله عليه وسلم - (مطل الغني ظلم) قال القاضي وغيره: المطل منع قضاء ما استحق أداؤه فمطل الغني ظلم وحرام، ومطل غير الغني ليس بظلم ولا حرام لمفهوم الحديث ولأنه معذور.] شرح الإمام النووي على صحيح مسلم ٤/ ١٧٤ - ١٧٥.
وهذان الحديثان الشريفان فيهما التحذير الشديد للمماطل القادر على سداد دينه ومع ذلك يماطل في سداد الدين لينتفع بالمال لنفسه ولا يؤدي حقوق العباد وهذه المماطلة سماها الرسول - صلى الله عليه وسلم - ظلماً والظلم ظلمات يوم القيامة.
قال الحافظ ابن عبد البر: [وقد أتى الوعيد الشديد في الظالمين بما يجب أن يكون من فقهه عن قليل الظلم وكثيره منتهياً وإن كان الظلم ينصرف على وجوه بعضها أعظم من بعض. قال الله عز وجل:(إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ) سورة لقمان الآية ١٣. وقال تعالى:(وَقَدْ خَابَ مَنْ حَمَلَ ظُلْمًا) سورة طه الآية ١١١.
أي خاب من رحمة الله تعالى ومن بعضها أو من كثير منها على حسب ما ارتكب من الظلم والله يغفر لمن يشاء.
وروي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال حاكياً عن الله تبارك وتعالى:(يا عبادي إني حرمت عليكم الظلم فلا تظالموا) رواه مسلم.
ومن الدليل على أن مطل الغني ظلم محرم موجب للإثم ما ورد به الخبر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - من استحلال عرضه والقول فيه ولولا مطله لم يحل ذلك.] الاستذكار ٢٠/ ٢٦٨ - ٢٦٩.
والغني المماطل يعدُّ فاسقاً عند جمهور أهل العلم ويدل على ذلك بأن منع الحق بعد طلبه وانتفاء العذر عن أدائه كالغصب والغصب كبيرة وتسميته ظلماً يشعر بكونه كبيرة. فتح الباري ٥/ ٣٧٢.