وأما من يمارس التطبيب دونما دراسة ودراية فهو متطبب جاهل يضمن كل تصرف يصدر عنه فقد ورد في الحديث عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (من تطبب ولم يعلم منه طب قبل ذلك فهو ضامن) رواه أبو داود والنسائي وابن ماجة وقال الشيخ الألباني: حديث حسن.
وجاء في حديث آخر قول عليه الصلاة والسلام:(أيما طبيبُ تَطَببَ على قوم لا يعرف له تَطَبُبٌ قبل ذلك فأعنت فهو ضامن) رواه أبو داود وقال الشيخ الألباني: حديث حسن. انظر صحيح سنن أبي داود ٣/ ٨٦٦ - ٨٦٧.
وقال العلامة ابن القيم شارحاً الحديث الأول:[. وأما الأمر الشرعي فإيجاب الضمان على الطبيب الجاهل. فإذا تعاطى علم الطب وعمله ولم يتقدم له به معرفة فقد هجم بجهل على إتلاف الأنفس وأقدم بالتهور على ما لم يعلم فيكون قد غرر بالعليل فيلزمه الضمان لذلك وهذا إجماع من أهل العلم.
قال الخطابي: لا أعلم خلافاً في أن المعالج إذا تعدى فتلف المريض كان ضامناً. والمتعاطي علماً أو عملاً لا يعرفه متعدٍ. فإذا تولد من فعله التلف ضمن الدية وسقط عنه القود - أي القصاص - لأنه لا يستبد بذلك بدون إذن المريض.].
ثم بين العلامة ابن القيم الحالات التي يكون فيها الطبيب مسئولاً عن وفاة المريض أو عن الأضرار التي تلحق بالمريض وألخصها فيما يلي:
الأولى: أن يكون الطبيب حاذقاً ماهراً أعطى المهنة حقها ولم تجن يده فتولد من فعله المأذون به من جهة الشارع ومن جهة المريض تلف العضو أو موت المريض فهذا الطبيب لا يتحمل شيئاً من المسؤولية باتفاق الفقهاء لأن وفاة المريض أو تلف العضو ناتج عن فعل مأذون به شرعاً ومأذون به من المريض أو وليه إذا كان عمل الطبيب وفق قواعد الطب المعروفة ولم تخطئ يده.