للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٥. وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - قال: (لا يحل لمؤمن أن يهجر مؤمناً فوق ثلاث فإن مرت به ثلاث فليلقه فليسلم عليه فإن ردَّ عليه السلام فقد اشتركا في الأجر وإن لم يرد عليه فقد باء بالإثم وخرج المسلِّمُ من الهجرة) رواه أبو داود بإسناد حسن كما قال الإمام النووي في المصدر السابق.

يؤخذ من هذه الأحاديث أنه يحرم على المسلم أن يهجر أخاه المسلم فوق ثلاث ليال فإذا حصلت مشاحنة بين مسلمين فيجوز الهجر أقل من ثلاث ليال ويحرم أكثر من ذلك وهذا الهجر يكون لحق الإنسان وأما هجر المسلم للمسلم لارتكابه معصية من المعاصي وهو الهجر لحق الله فهو جائز ومشروع ثلاث ليال وأكثر حتى يرجع المهجور عن المعصية ويتوب إلى الله سبحانه وتعالى.

قال الشيخ ابن العربي المالكي: [وأما إن كانت الهجرة لأمر أنكر عليه من الدين كمعصية فعلها أو بدعة اعتقدها فيهجره حتى ينزع عن فعله وعقده فقد أذن النبي - صلى الله عليه وسلم - في هجران الثلاثة الذين خلفوا خمسين ليلة حتى صحت توبتهم عند الله فأعلمه فعاد إليهم] عارضة الأحوذي ٨/ ٩١.

وقال الإمام البخاري في صحيحه: [باب ما يجوز من الهجران لمن عصى. وقال كعب حين تخلف عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: ونهى النبي - صلى الله عليه وسلم - عن كلامنا وذكر خمسين ليلة].

وقال الحافظ ابن حجر: [أراد بهذه الترجمة بيان الهجران الجائز لأن عموم النهي مخصوص لمن لم يكن لهجره سبب مشروع فبين هنا السبب المسوغ للهجر وهو لمن صدرت منه معصية فيسوغ لمن اطلع عليها منه هجره عليها ليكف عنها. صحيح البخاري مع شرحه فتح الباري ١٣/ ١٠٩.

وقال الإمام مالك: [ويهجر أهل الأهواء والبدع والفسوق لأن الحب والبغض فيه واجب ولما في ذلك من الحث على الخير والتنفير من الشر والفسوق].

الذخيرة ١٣/ ٣١٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>