قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (إذا قام أحدكم يصلي فإنه يستره إذا كان بين يديه مثل آخرة الرحل فإذا لم يكن بين يديه مثل آخرة الرحل فإنه يقطع صلاته الحمار والمرأة والكلب الأسود قلت: يا أبا ذر ما بال الكلب الأسود من الكلب الأحمر من الكلب الأصفر، قال: يا ابن أخي سألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كما سألتني فقال: الكلب الأسود شيطان) صحيح مسلم بشرح النووي ٣/ ١٦٩. وقد وردت أحاديث أخرى بمعنى الحديثين السابقين.
وقد اختلف العلماء منذ عهد الصحابة رضي الله عنهم ومن جاء بعدهم من أهل العلم في هذه المسألة، هل هذه الأمور المذكورة في الحديث تقطع الصلاة أم لا؟
وقد قال بعض أهل العلم بأن مرور المرأة يقطع الصلاة فعلاً ويبطلها وهذا قول ابن حزم الظاهري والإمام أحمد في رواية عنه ونقل عن بعض الصحابة ولكن أكثر أهل العلم قالوا بخلاف ذلك فهم يرون أن مرور المرأة لا يقطع الصلاة وهذا قول الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة في الرواية التي اختارها أكثر أصحاب أحمد وقد صح ذلك عن أكثر الصحابة وقد ذكر الإمام الترمذي أن أكثر أهل العلم من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - ومن بعدهم من التابعين قالوا: لا يقطع الصلاة شيء. سنن الترمذي مع شرحه عارضة الأحوذي ٢/ ١١٥، وانظر المغني ٢/ ١٨٣، الذخيرة ٢/ ١٥٩.
قال الإمام النووي:[وقال مالك وأبو حنيفة والشافعي رضي الله عنهم وجمهور العلماء من السلف والخلف لا تبطل الصلاة بمرور شيء من هؤلاء ولا من غيرهم] شرح النووي على صحيح مسلم ٣/ ١٧٠
وقال الإمام ابن العربي المالكي:[وقالت طائفة لا يقطع الصلاة شيء وهم علماء الإسلام ومحققوه] عارضة الأحوذي ٢/ ١١٦.
وقد أجاب هؤلاء العلماء على الحديثين السابقين بأنهما إما منسوخين أو أن المراد بالقطع هو قطع الخشوع وليس القطع حقيقة وهذا الجواب أقوى من الأول لأن النسخ لا يثبت بمجرد الاحتمال.
قال الإمام النووي: [وأما الجواب عن الأحاديث الصحيحة التي