والثاني: وهو الأصح لا يستحب، وهذا اختيار إمام الحرمين والمحققين، قال الإمام: ولم أر لهذا القيام ذكراً ولا أصلاً.
قلت - أي النووي -: ولم يذكر الشافعي وجمهور الأصحاب هذا القيام ولا ثبت فيه شيء يعتمد مما يحتجّ به فالاختيار تركه لأنه من جملة المحدثات وقد تظاهرت الأحاديث الصحيحة على النهي عن المحدثات.
وأما ما رواه البيهقي بإسناده عن أم سلمة الأزدية قالت:(رأيت عائشة تقرأ في المصحف فإذا مرّت بسجدة قامت فسجدت) فهو ضعيف، أم سلمة هذه مجهولة. والله أعلم] المجموع ٤/ ٦٥.
وقد سئل الإمام أحمد عن ذلك فقيل له:[يقوم ثم يسجد؟ فقال: يسجد وهو قاعد] الإنصاف ٢/ ١٩٨.
وسئلت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء السعودية عن هذه المسألة:[إذا كان الإنسان يقرأ القرآن في المسجد أو غيره وهو جالس ووصل إلى سجدة من السجدات هل الأفضل أن يقوم قائماً ويسجد أم يسجد في مكانه وهو جالس، أيهما أفضل؟
الجواب: لا نعلم دليلاً على شرعية القيام من أجل سجود التلاوة] فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء ٧/ ٢٦٥.
وأخيراً أنقل ما ذكره العلامة ابن القيم في هديه- صلى الله عليه وسلم - في سجود القرآن " التلاوة " حيث قال: [كان - صلى الله عليه وسلم - إذا مرّ بسجدة كبّر وسجد وربما قال في سجوده:(سجد وجهي للذي خلقه وصوّره وشق سمعه وبصره بحوله وقوته).
وربما قال:(اللهم احطط عني بها وزراً واكتب لي بها أجراً واجعلها لي عندك ذخراً وتقبّلها مني كما تقبلتها من عبدك داود). ذكرهما أهل السنن.
ولم يذكر عنه انه كان يكبر للرفع من هذا السجود ولذلك لم يذكره الخرقي ومتقدمو الأصحاب ولا نقل فيه عنه تشهد ولا سلام البتة. وأنكر أحمد والشافعي السلام فيه فالمنصوص عن الشافعي: أنه لا تشهد فيه ولا تسليم، وقال أحمد أما التسليم فلا أدري ما هو وهذا هو الصواب الذي لا ينبغي غيره] زاد المعاد في هدي خير العباد ١/ ٣٦٢ - ٣٦٣.