مستباحاً للذين ليس بينهم وبين العلم نسب ولا علاقة مودة أو قربى، إن ما جاء في هذه النشرة في جعل صلاة الظهر بعد الجمعة إما واجبة وإما مندوبة كلام باطل لم يقم عليه دليل والزعم بأن صلاة الظهر بعد الجمعة استنبطت من السنة المطهرة باحتياط المرء لدينه فرية عظيمة على السنة النبوية ولم يذكر الكاتب دليلاً واحداً من السنة يثبت صحة زعمه وأقول في رد هذه الفرية: يجب أن يعلم أن هذه المسألة وهي صلاة الظهر بعد الجمعة قد بنيت على مسألة أخرى وهي حكم تعدد الجمعة في البلد الواحد فأقول إن تعدد صلاة الجمعة في البلد الواحد جائز عند أهل العلم نظراً للحاجة الداعية إلى تعدد الجمعة فإذا كان البلد كبيراً وأهله كثير لا يسعهم مسجد واحد فلا مانع من تعدد الجمعة. وبهذا قال المحققون من العلماء من أتباع المذاهب الأربعة وغيرهم قال السرخسي:[والصحيح من قول أبي حنيفة في هذه المسالة أنه يجوز إقامة الجمعة في مصر واحد في موضعين وأكثر] المبسوط ٢/ ١٠٢.
وقال الزيلعي شارحاً ومحللاً لقول النسفي:[وتؤدى في مصر في مواضع أي تؤدى الجمعة في مصر واحد في مواضع كثيرة وهو قول أبي حنيفة ومحمد وهو الأصح لأن في الاجتماع في موضع واحد في مدينة كبيرة حرجاً بيناً وهو مدفوع] تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق ١/ ٢١٨.
وأجاز فقهاء المالكية تعدد الجمعة للضرورة كما في شرح الخرشي وحاشية العدوي عليه ٢/ ٧٤ - ٧٥.
وذكر الإمام النووي أن الصحيح من مذهب الشافعية جواز تعدد الجمعة في موضعين وأكثر وقال: [وقد دخل الشافعي بغداد وهم يقيمون الجمعة في موضعين وقيل في ثلاثة فلم ينكر ذلك واختلف أصحابنا في الجواب عن ذلك وفي حكم بغداد في الجمعة على أربعة أوجه ذكر المصنف الثلاثة الأولى منها هنا وكلامه في التنبيه يقتضي الجزم بالرابع، أحدها أن الزيادة على جمعة في بغداد جائزة وإنما جازت لأنه بلد كبير يشق اجتماعهم في موضع منه قال أصحابنا فعلى هذا تجوز الزيادة على جمعة