وكيف يصنع المسلمون في المدن الكبيرة التي تغص بالسكان وقد يبلغ سكانها الملايين وكيف يجتمعون في مسجد واحد فمدينة كالقاهرة مثلاً فيها أكثر من عشرة ملايين نسمة، كيف يصلون في مكان واحد؟! إن نصوص الشريعة وقواعدها القاضية برفع الحرج ودفع المشقة تجيز تعدد الجمعة في مساجد كثيرة مهما بلغ عددها ما دامت الحاجة تدعو لذلك.
إذا تقرر هذا نعود إلى مسألة صلاة الظهر بعد الجمعة فأقول إن إقامة صلاة الظهر بعد الجمعة بدعة منكرة ليس لها أصل في الدين وهي تشريع لما لم يأذن به الله. ولم تثبت عن الرسول - صلى الله عليه وسلم - ولا عن الصحابة ولا عن التابعين ولا عن الأئمة المهديين وزعم كاتب النشرة أنها ثبتت بالسنة المطهرة زعم باطل ليس عليه أدنى دليل بل هو لم يقدم أي دليل على ذلك.
وهذه البدعة وإن قال بها بعض متأخري أتباع المذاهب ليس عليها دليل صحيح فقد صح في الحديث أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:(من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو ردّ) رواه مسلم.
وقد ثبت أن الإمام الشافعي رحمه الله قد دخل بغداد وأقام بها مدة من الزمن وكانت الجمعة تقام بأكثر من موضع ولم ينقل عنه أنه كان يصلي الظهر بعد الجمعة. القول المبين ص ٣٨٤.
قال الشيخ القاسمي: [والذي اعتمده الإمام ابن نجيم والعلامة ابن عبد الحق الأخير ووافقه غيره من أن لا وجوب للظهر - أي بعد الجمعة - هو الحق لما فيه من رفع الحرج وهل يطالب مكلف بفريضتين في وقت واحد مع ما في أدائه جماعة من صورة نقض الجمعة وإيقاع العامة في اعتقاد أن ليوم الجمعة بعد زواله فرضين صلاة الجمعة وصلاة الظهر بل هو الذي لا يرتابون فيه ويزيدون عليه أنه لا يصح إلا جماعة بل تنطع بعض الغلاة المتصولحين مرة فقال لي: كيف السبيل إلى سنة الظهر القبلية قبل فرض يوم الجمعة وهي تفوتني بعجلة أداء الظهر.
فتأمل كيف رحم الله العباد ففرض عليهم ركعتين في ذلك اليوم وأمرهم إذا قضوهما أن ينتشروا في الأرض ويبتغوا من فضله تيسيراً عليهم