للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مال المسلمين قضاء ديونه لما صح في الحديث عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (أنا أولى بالمؤمنين من أنفسهم فمن مات وعليه دين ولم يترك وفاءً لدينه فعلينا قضاؤه ومن ترك مالاً فلورثته) رواه البخاري ومسلم.

فإن لم يتيسر سداد الدين من بيت مال المسلمين كما هو الحال الآن في زماننا فيجوز على الراجح من قولي العلماء قضاء الدين عن الميت لأن الميت المدين داخل في عموم قوله تعالى: (وَالْغَارِمِينَ) لأنها شاملة لكل غارم حياً كان أو ميتاً.

بل إن بعض العلماء قد قال: قضاء دين الميت أحق من قضاء دين الحي لأن دين الميت لا يرجى قضاؤه.

قال الشيخ ابن العربي المالكي: [فإن كان ميتاً - أي الغارم - قضي منها دينه لأنه من الغارمين] أحكام القرآن ٢/ ٩٦٨.

وقال الشيخ القرطبي: [وقال علماؤنا وغيرهم: يقضى منها دين الميت لأنه من الغارمين، قال - صلى الله عليه وسلم -: أنا أولى بكل مؤمن من نفسه، من ترك مالاً فلأهله ومن ترك دينا أو ضياعاً - أي عيال - فإلي وعليّ] تفسير القرطبي ٨/ ١٨٥.

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: [وأما الدين الذي على الميت فيجوز أن يوفى من الزكاة في أحد قولي العلماء وهو إحدى الروايتين عن أحمد لأن الله تعالى قال:

(وَالْغَارِمِينَ) ولم يقل: (وللغارمين) فالغارم لا يشترط تمليكه وعلى هذا يجوز الوفاء عنه وأن يملك لوارثه ولغيره] مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية ٢٥/ ٨٠.

والقول بجواز قضاء دين الميت من الزكاة هو قول مالك وأكثر أصحابه والشافعي في وجه وأصحابه وأحمد في إحدى الروايتين عنه وبه قال أبو ثور وأبو جعفر الطحاوي وغيرهم من أهل العلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>