والله لا أزورك والله لا أكلمك والله لا أزوجك. فهذه أيمان متعددة على أمور مختلفة فإذا حنث بها جميعاً فتلزمه عن كل يمين كفارة على الراجح من أقوال العلماء وهو قول جمهور الفقهاء.
قال الشيخ ابن قدامة المقدسي:[وإن حلف أيماناً على أجناس فقال: والله لا أكلت والله لا شربت والله لا لبست فحنث في واحدة منها فعليه كفارة فإن أخرجها ثم حنث في يمين أخرى لزمته كفارة أخرى ... ورواه المروزي عن أحمد وهو قول أكثر أهل العلم] المغني ٩/ ٥١٥.
ثم قال ابن قدامة:[ولنا أنهن أيمان لا يحنث في إحداهن بالحنث في الأخرى فلم تتكفر إحداهما بكفارة الأخرى] المغني ٩/ ٥١٥.
وأما مقدار الإطعام في الكفارة فينبغي القول أولاً بأن خصال الكفارة على التخيير كما قال الله تعالى:(وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ) سورة المائدة الآية ٨٩.
فخصال الكفارة هي إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم أو عتق رقبة فإذا عجز الحانث عن هذه الخصال الثلاث انتقل إلى الصوم.
وأما مقدار الإطعام فقال: جمهور أهل العلم يطعم كل مسكين مداً بمقدار مدّ النبي - صلى الله عليه وسلم - من غالب قوت البلد. فقد ذكر مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر أنه كان يكفر عن يمينه بإطعام عشرة مساكين لكل مسكين مدً من حنطة.
وروى مالك عن سليمان بن يسار أنه قال:[أدركت الناس وهم إذا أعطوا في كفارة اليمين أعطوا مداً من حنطة بالمد الأصغر ورأوا ذلك مجزئاً عنهم] قال الحافظ ابن عبد البر: [والمد الأصغر عندهم مد النبي - صلى الله عليه وسلم -] الاستذكار ١٥/ ٨٧ - ٨٨. والمد يساوي في زماننا نصف كيلو وزيادة قليلة.