يقرأ ما كتبه العلامة القرضاوي حول هذه الآية في كتابه " فوائد البنوك هي الربا الحرام " قال الشيخ القرضاوي حفظه الله تحت عنوان ربا الأضعاف المضاعفة: [ومما قيل في تبرير فوائد اليوم: إن الربا الذي حرمه القرآن هو ما كان (أَضْعَافًا مُضَاعَفَةً) أما الربا القليل مثل ٨% أو ١٠% ونحوه فهذا لا يدخل في الربا المحظور. وهي شبهات أثيرت منذ أوائل هذا القرن الميلادي بدعوى الاستناد إلى الآية الكريمة من سورة آل عمران:(يَاأَيُّهَا الَّذِينَءَامَنُوا لَا تَأْكُلُوا الرِّبَا أَضْعَافًا مُضَاعَفَةً وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ). ومن المعلوم لمن يتذوقون العربية ويفقهون أساليبها: أن هذا الوصف للربا (أَضْعَافًا مُضَاعَفَةً) إنما سيق لبيان الواقع وتبشيعه وأنهم بلغوا فيه إلى هذا الحدّ عن طريق الربا المركب المتصاعد. ومثل هذا الوصف لا يعتبر قيداً في المنع بحيث يجوز ما لم يكن أضعافاً مضاعفة. وهذا مثل أن نقول اليوم: قاوموا المخدرات القاتلة التي تقتل الإنسان من أول شمة! هذا الوصف لهذا النوع من المخدرات المنتشر في الواقع والذي فاق خطره كل خطر لا يعني إخراج الأنواع الأخرى من المخدرات عن دائرة الحظر والمقاومة بل هو تفظيع وتبشيع للواقع المؤسف حتى يعمل الجميع على تغييره. وقد جرت سنة التحريم في الإسلام أن يمنع القليل خشية الوقوع في الكثير وأن يغلق الباب الذي يمكن أن تهب منه رياح الفساد والإفساد. ثم ما هو القليل والكثير؟ وما الذي يجعل الـ ١٠% قليلاً؟ والـ ١٢% كثيراً؟ وما المعيار الذي يحتكم إليه؟ ولو أخذنا بظاهر ألفاظ الآية الكريمة لكانت الأضعاف المضاعفة ما بلغ ٦٠٠% " ستمائة في المائة " كما قال شيخنا الدكتور محمد عبد الله دراز
رحمه الله. لأن كلمة " أضعاف " جمع وأقله ثلاثة فإذا ضوعفت الثلاثة - ولو مرة واحدة - كانت ستة! فهل يقول بهذا أحد؟ على أن البيان الحاسم هنا هو ما جاءت به آيات سورة البقرة وهي من أواخر ما نزل من القرآن الكريم وفيها إبطال لكلّ تعلّة. يقول تعالى: (يَاأَيُّهَا الَّذِينَءَامَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لَا تَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ وَأَنْ تَصَدَّقُوا