العلم اختلفوا في حكم الوفاء بالوعد فمنهم من قال بأنه مندوب ومنهم من قال بأنه واجب ومنهم من قال بالتفصيل ففي حالات يجب الوفاء وفي أخرى يندب.
والذي أميل إليه وأختاره وجوب الوفاء بالوعد ديانة وقضاء وهذا قول جماعة من أهل العلم منهم جماعة من فقهاء السلف كالفقيه المعروف ابن شبرمة والحسن البصري وعمر بن عبد العزيز والقاضي سعيد بن الأشوع وإسحاق بن راهويه وغيرهم.
قال الإمام البخاري في صحيحه: [باب من أمر بإنجاز الوعد وفعله الحسن - (وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِسْمَاعِيلَ إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ) - وقضى ابن الاشوع بالوعد وذكر ذلك عن سمرة.
وقال المسور بن مخرمة سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - وذكر صهراً له فقال: وعدني فوفاني. قال أبو عبد الله - أي البخاري - رأيت إسحاق بن إبراهيم يحتج بحديث ابن أشوع] صحيح البخاري مع شرحه فتح الباري ٦/ ٢١٧ - ٢١٨.
ثم ساق البخاري أربعة أحاديث في الوفاء بالوعد منها قصة أبي سفيان مع هرقل وفيه:(سألتك ماذا يأمركم؟ فزعمت أنه أمركم بالصلاة والصدق والعفاف والوفاء بالعهد وأداء الأمانة. قال: وهذه صفة نبي).
ثم ذكر حديث أبي هريرة السابق في علامات المنافق ثم ذكر حديث جابر بن عبد الله - رضي الله عنه - قال:(لما مات النبي - صلى الله عليه وسلم - جاء أبا بكر مالٌ من قبل العلاء بن الحضرمي. فقال أبو بكر: من كان له على النبي - صلى الله عليه وسلم - دين أو كانت له قبله عدة فليأتنا. قال جابر: فقلت: وعدني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يعطيني هكذا وهكذا وهكذا فبسط يديه ثلاث مرات. قال جابر: فعدَّ في يدي خمسمئة ثم خمسمئة ثم خمسمئة).
ثم ذكر حديث ابن عباس في قصة وفاء موسى عليه السلام بوعده لوالد الفتاتين.
فهذه الأدلة وغيرها تدل على وجوب الوفاء بالوعد.
وقد ذكر الحافظ السخاوي تفصيلاً أكثر من هذا في كتابه القيم " التماس السعد في الوفاء بالوعد " وبين قوة هذا القول فقال في مقدمة كتابه: [وبعد،