سيئة؛ مع أنها ليست سيئة على الحقيقة، بل هي عدل وحق، فالمعنى: وجزاء سيئة عقوبةٌ، واستخدمت كلمة سيئة للمشاكلة اللفظية، وليس المراد منها معنى السوء حقيقة.
ومثله قول الله تعالى:{مَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ}(البقرة: ١٤٩)، فرد الاعتداء ليس اعتداء، لكن جاز تسميته كذلك في باب المشاكلة اللفظية، ومثله {رَّضِيَ اللهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ}(البينة: ٨)، فكل منهما على معنى، وأمثاله في القرآن كثير.
وفي السنة النبوية صور استخدم فيها النبي - صلى الله عليه وسلم - هذا الأسلوب العربي البديع، منها قوله:«اتركوا الترك ما تركوكم، ودعوا الحبشة ما ودعوكم»(١)، والأصل أنها (ما وادعوكم)، فعدل عنها إلى (ودعوكم) للمشاكلة مع (تركوكم).
إذا تبين ذلك وجب إعادة قراءة الآيات المشكلة للوقوف على معاني هذه الألفاظ وفق سياقاتها، فالآيات حين تحدثت عن مكر الله بالكافرين أو مخادعته لهم وأمثاله لم تكن تنسب إلى الله هذه الأفعال ابتداء، إنما ذكرت هذه الألفاظ في مقابل فعل المشركين، فحين وقع منهم المكر والخداع والكيد، رد الله كيدهم وخداعهم ومكرهم، فسمى الله فعله بألفاظ من جنس ما صنعوا، للمشاكلة اللفظية مع ما وقع من الكفار، من غير أن تكون الحقيقة اللغوية لهذه الألفاظ مُرادة.
وهذه المشاكلة في الأسلوب تتضح لمن قرأ تلك الآيات المستشكلة، كمثل قوله تعالى:{يُخَادِعُونَ اللهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ}(النساء: ١٤٢)، وقوله:{وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ الله}(الأنفال: ٣٠)، وقوله:{إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْداً وَأَكِيدُ كَيْداً}(الطارق: ١٥ - ١٦)، وقوله:{فَيَسْخَرُونَ مِنْهُمْ سَخِرَ اللهُ مِنْهُمْ}(التوبة: ٧٩)،